للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينه وبين رجاله، وبينه وبين رئيسه المباشر موسى بن نصير، بل وضع هذا المبدأ في حيِّز التطبيق العملي، بينه وبين يُليان ومَن معه، فاستفاد من سفنهم في العبور، وسخّرهم عيوناً وأرصاداً ومصدراً لاستقطاب المعلومات الضرورية عن القوط وعن طبيعة الأرض في الأندلس، واستفاد منهم أدلاّء في مسيرته عبر الأندلس. كما كان طارق يستشير يُليان ويتقبَّل آراءه، وبخاصة بعد نجاح يُليان في اجتياز تجربة إخلاصه لطارق، وثبات إخلاصه، وقناعة طارق بذلك: " .. فهربوا إلى طليطلة - يريد القوط - وغلقوا مدائن الأندلس. وأقبل يُليان إلى طارق، فقال له: قد فرغت بالأندلس، وهؤلاء أدلاّء من أصحابي، فرِّق معهم جيوشك، وخذ أنت إلى طليطلة، ففرّق جيوشه من إسْتِجَّة .. " (١) فقبل طارق نصيحة يُليان، وأرسل جيوشه إلى مَالَقَة وإلْبِيرَة ومُرْسِيَة وقُرْطُبَة (٢).

كما تعاون طارق مع يهود الأندلس، الذين كانوا متذمِّرين من القوط وملكهم تذمراً شديداً، فأنصفهم المسلمون بما عرف عنهم من عدل وتسامح، وأزاحوا عنهم ما كانوا يعانونه من اضطهاد الملك والقوط، فاستفاد منهم طارق عيوناً وأرصاداً، ينقلون له الأخبار عن القوط ونواياهم، ويكشفون له ما يبيِّته القوط للمسلمين، وقد تطرقنا إلى ذلك، وكان يهود الأندلس متطوعين في نقل تلك المعلومات عن القوط للمسلمين، ولم يثبت لديّ أنهم عاونوا في القتال، بل اقتصر تعاونهم على جمع المعلومات عن القوط، ونقلها للمسلمين نكاية بالقوط وتقرّباً من المسلمين.

لقد طبق طارق مبدأ: التعاون، تطبيقاً سليماً.

٤ - نقطة الضعف:


(١) أخبار مجموعة (٩ - ١٠).
(٢) الرازي نشر جاينجوس (١٦) وأخبار مجموعة (٩ - ١٠) وفتح الأندلس (٩) وابن الأثير (٤/ ٥٦٣) والبيان المغرب (٢/ ٩ و ١١) والنويري (٢٢/ ٢٧) ونفح الطيب برواية الرازي (١/ ٢٦٠ - ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>