هناك أساب لانهيار الفردوس المفقود نحاول إجمالها، وقد أغفل المؤرخون المحدثون بخاصة ذكر هذه الأسباب لأن الذين كتبوا عن الأندلس أكثرهم من الغربيين الذين لا يذكرون الأثر المهم في فتح الأندلس وانهيارها.
والمؤرخون العرب المحدثون ساروا على منوال المؤرخين الأجانب، ولكن المؤرخين القُدامى من المسلمين ذكروا أسباب انهيار الأندلس بشكل غير مباشر، أي أنّ هذه الأسباب وردت في خضمّ السرد الطويل، فمثلاً كتاب (نفح الطيب) للمقري، تطرق إلى هذه الأسباب ولكن في مجال سرد الحوادث، والذي يريد اكتشاف هذه الأسباب عليه أن يقرأ ذلك الكتاب الضخم بأجزائه الكثيرة، وهذا ليس متيسّراً إما لضيق الوقت عند بعض الناس أو لصعوبة قراءة هذا الكتاب الضخم والانتباه إلى أسباب سقوط الأندلس.
وقد لجأت إلى كثير من المؤرخين المعروفين من أساتذة الجامعات والمختصين لكي أجد لديهم أسباب سقوط الأندلس، فلم أحظ بجوابٍ شافٍ بالرغم من كثرة مَن استفسرت منهم، لذلك سأحاول إيجاز هذه الأسباب لتكون دروساً للمسلمين في حاضرهم ومستقبلهم، لأنني أعتقد أن أهمية التاريخ تكمن في العبرة من دراسته، لا في الاستمتاع به كحوادث وقصص وأحداث.
لقد فتح المسلمون الأندلس حين كانوا يتمتعون بعقيدتهم التي قادتهم إلى النصر، فلما تخلّوا عن هذه العقيدة تخلّى عنهم النصر وأصبح نصيبهم الهزائم. لقد كان قائد فتح الأندلس (طارق بن زياد) بربرياً، يقود جيشاً من العرب ومن البربر، يسود بينهم الانسجام الروحي والنفسي لأنه يسيطر عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى" وكما جاء في القرآن الكريم ((*إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ*)).