للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثمرات المعاهدة الغادرة]

[١ - مأساة الأندلس ونقص الروايات العربية عن المأساة]

لم يكن ظفر إسبانيا النصرانية بالاستيلاء على غرناطة، وسحق دولة الإسلام بالأندلس، سوى بداية النهاية في مصير الأمة الأندلسية، ولم يكن فقد السيادة القومية، وفقد الاستقلال والحرية، والذلة السياسية، والاضطهاد الديني والاجتماعي، وهي المحن التي تنزل عادة بالأمم المغلوبة، سوى لمحة صغيرة يسيرة مما كتب على الأمة الأندلسية أن تعانيه على يد إسبانيا النصرانية، فقد كان مصير مسلمي الأندلس بعد ضياع دولتهم وزوال ملكهم، من أسوأ ما عرفت الأمم الكريمة المغلوبة، وكان مأساة من أبلغ مآسي التاريخ.

تلك هي مأساة الموريسكيين أو العرب المتنصرين، ومن الأسف أن الرواية الإسلامية لم تخص الأمة الأندلسية بعد سقوط غرناطة بكثير من عنايتها، ولم ينته إلينا عن تلك المأساة سوى رسائل وشذور يسيرة، بل لم ينته إلينا سوى القليل عن مراحل الأندلس الأخيرة قبل سقوط غرناطة، ولا توجد لدينا عن تلك المرحلة سوى رؤية إسلامية واحدة هي كتاب: "أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر" الذي كتبه في سنة (٩٤٧ هـ - ١٥٤٠ م) أعني بعد سقوط غرناطة بخمسين سنة، كاتب مجهول فيما يبدو، من أشراف غرناطة الذين بقوا فيها، وأُرغموا على التنصّر، ولكنهم بقوا مع ذلك مسلمين في روحهم وسريرتهم. وقد كانت هذه الرواية أساساً لكل ما كتبه المسلمون المتأخرون عن سقوط غرناطة. ولم تصل إلينا إلى جانب هذه الرواية الوحيدة، سوى رسائل وشذور وقصائد نقلها المقري في كتابه: "أزهار الرياض"، ومعظمها مما كتبه أدباء المغرب عقب وقوع المأساة بقليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>