للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - فتوح طارق قبل عبور موسى بن نُصَيْر

إلى الأندلس

[أ - الموقف العام بعد المعركة الحاسمة:]

لم تكد أخبار انتصار المسلمين على جيش لذريق في معركة حاسمة على أرض الأندلس، تصل إلى المسلمين في شمالي أفريقية، حتى أقبل المسلمون نحو طارق من كل وجه، وخرقوا البحر على كل ما قدروا عليه من مركب وقُشْر (١)، فلحقوا بطارق (٢). وفاض البربر على الأندلس، وأخذوا يستقرّون في النواحي المفتوحة. وتضخّم تعداد جيش طارق إلى حدّ يصعب معه تقديره، بعد هذه المعركة الحاسمة، وأسلم الآراء هو القول: بأن جيش المسلمين تضخم تضخّماً عظيماً. ورأى طارق، أنه لن يستطيع التقدم للفتح بمثل هذه الجحافل الضخمة من المجاهدين دفعة واحدة، لصعوبة السيطرة على أرتالها المتزايدة، ولصعوبة تعسكرها في مكان واحد في وقت واحد، ولمشاكل تأمين أرزاقها ومياهها وعلف حيواناتها من مكان واحد في وقت واحد، فآثر أن يفرقهم إلى أرتال صغيرة بقيادات مسئولة، للنهوض بواجبات معينة في الفتح (٣).

وكان من نتائج انتصار المسلمين على القوط في المعركة الحاسمة، ظهور اضطراب في شئون الأندلس كلها، التي لا تزال تحت سيطرة القوط: "وارتفع أهل الأندلس عند ذلك إلى الحصون والقلاع، وتهاربوا من السهل، ولحقوا


(١) القشر: في الأصل، السَّمكة قدر شبر، ويراد بها هنا الزورق الصغير.
(٢) نفح الطيب (١/ ٢٤٣) وتاريخ الأندلس (٤٨) نص ابن الكردبوس.
(٣) انظر: فجر الأندلس (٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>