للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى، لسبب أو لآخر، دون مسوِّغ مقبول.

فقد أبحر طارق من سبتة، بسبب رغبته في إيجاد مكان ملائم للإنزال في منطقة الجزيرة الخضراء على الساحل الأندلسي، ولكن طارقاً تخلى عن الإنزال في ذلك المكان، حين وجد جماعة من القوط حاولت منعه من الإنزال، فأبحر منه ليلاً إلى مكان وعر على الشاطئ، وهو جبل طارق، وتمكن من الإنزال المفاجئ في المكان الجديد، دون أن يراه أحد على الشاطئ (١).

وهكذا استبدل طارق خطة جديدة بخطته الأولى، فنجح في إنزال رجاله بدون مقاومة معادية تذكر، ونجح في مباغتة العدو بهذا الإنزال.

والأمثلة على تبديل خطط طارق أو تحويرها، يغني عنها المثال السابق، للدلالة على تمتع عقلية طارق بالمرونة المطلوبة.

ح - إدامة المعنويات (٢):

كانت الثقة والمحبة متبادلتين بين طارق ورجاله، ليس بالنسبة لرجاله من البربر، بل بالنسبة لرجاله من العرب أيضا قادةً وجنوداً، فقد كانت لطارق مزايا إنساناً وقائداً، تجعله موضع ثقة رجاله ومحبتهم، كما كان يبادلهم ثقة بثقة ومحبة بمحبة، لذلك كان التعاون بين القيادة والرجال وثيقاً.

وكانت عوامل رفع المعنويات لجيش المسلمين عامة، متيسِّرة إلى أبعد الحدود في القرن الهجري الأول، وهي: العقيدة الراسخة أولاً، والقيادة ذات الكفاية العالية ثانياً، والانتصارات الباهرة ثالثاً وأخيراً.

لقد كان المسلمون متمسِّكين بالإسلام، وأثر الإسلام في رفع المعنويات


(١) ابن الكردبوس (٤٦)، وانظر البيان المغرب (٢/ ٩) الذي يذكر أن طارقاً أجرى إنزال رجاله في منطقة جبل طارق.
(٢) المعنويّات: الصّفات التي تميّز الجيش المدرّب عن العصابات غير المدرّبة: بها تظهر الطاعة القائمة على الحب، وتبرز الشجاعة في القتال، والصّبر على تحمّل المشاق، وتبرز كلّ المزايا التي تجعل المقاتل مطيعاً باسلاً صبوراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>