للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروف مثل طنجة، لأن القوط كانوا يتوقعون عبور المسلمين من طنجة، باعتبار أن المسلمين طهّروا المنطقة من عيون القوط وعملائهم، ولم يكونوا يتوقعون عبور المسلمين من سبتة، لأنها كانت تعجّ بالرَّتَل الخامس (١) من عملاء القوط وعيونهم، فاستطاع طارق كتمان حركة عبوره، فباغت القوط بهذا العبور.

كما جرى عبور المسلمين ليلاً، فكان الظلام الدامس، حجاباً ساتراً للمراكب والقوارب التي استخدمها المسلمون في العبور.

وحين وجد طارق، أن الجزيرة الخضراء، لا تخلو من مقاومة قوطية، وقد تعرقل إنزال قواته على البر الأندلسي، وتكبّدها خسائر في الأرواح، مما قد يؤدي إلى إخفاق عملية الإنزال دون مسوِّغ منطقي معقول، أقدم طارق فوراً على توجيه رجاله بوسائل نقلهم البحري إلى منطقة جبل طارق، وأجرى إنزال قواته هناك بدون أية مقاومة قوطية تذكر، لأن تلك المنطقة كانت خالية تماماً من القوط، وكان القوط يفكرون أنّ المسلمين لا ينزلون قواتهم في تلك المنطقة الوعرة، لصعوبة الإنزال عليها، لأنها صخرية شديدة الوعورة، تعرقل الإنزال، وتؤذي النازلين عليها من الرجال.

وتطبيق طارق لمبدأ المباغتة كثير جداً، نكتفي بالأمثلة التي أوردناها، خشية أن يطول الحديث.

د - تحشيد القوّة (٢):

عبر طارق على رأس سبعة آلاف مجاهد، وقبل المعركة الحاسمة التي خاضها على القوط بقيادة لذريق، أمدّه موسى بخمسة آلاف مجاهد، فخاض المعركة الحاسمة باثني عشر ألف مجاهد. ولما أكمل طارق فتح طليطلة،


(١) الرتل الخامس: كناية عن الجواسيس والوكلاء والعيون والأرصاد والموالين وأصحاب المصالح الشخصية، وأصحاب العلاقة الدينيّة والعنصرية والمذهبية .. الخ ..
(٢) تحشيد القوّة: هو حشد أكبر قوّة أدبيّة وبدنيّة، وأعظم قوّة معنويّة وماديّة، لاستخدامها في المكان والزمان الجازمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>