مستطيع القضاء على الفتنة وإقرار الحق لذويه عما قريب، فاجتمع منهم نفر وائتلفوا، واعتبروا أنفسهم:(مجلس شيوخ وكبراء) وأن له الحق في أن يقرر في شئون دولة القوط كما يرى، ثم اختاروا واحداً منهم اسمه: رودريك: (لُذَريق)، وانتخبوه ملكاً خلفاً لغيطشة، واستعدوا لنصرته والقضاء على منافسيه بحدّة السيف.
وتجمع النصوص كلها، على أنّ هذه الجماعة التي بايعت لذريق، كانت جماعة من كبار القوط وأعيانهم، وأنهم أرادوا باجتماعهم هذا، إنقاذ دولة القوط وتقويم ما انهار من بنيانها، فإذا أضفنا إلى ذلك ما سبقت الإشارة إليه، من أنّ رخشندش أراد أن يستعين بالرومان الإسبان ليثبت أمر أخيلا، استطعنا أن نستنتج أن المسألة لم تكن مجرد خلاف على العرش بين زعماء القوط، بل كان فيه لون من ثورة أهل البلاد على القوط، ورغبتهم في التخلص من كبرائهم ونبلائهم. ولعل هذا الاستنتاج، يتيح لنا أن نقرر ما تحاول الكثرة الغالبة من مؤرخي الإسبان - قدامى ومحدثين - نفيه وإنكاره، وهو أن دولة القوط، لم تكن في نظر أهل البلاد دولة قومية، بل ظلت في نظر غالبيتهم دولة أجانب، لقي الناس في ظلهم كثيراً من الأذى، وحاولوا التخلص منهم مرات كثيرة.
ج - لُذَرِيق:
الخلاف شديد حول أصل لذريق، فمن قائل: إنه كان زعيماً قوطياً كبيراً ذا علم بأمور الحرب والسلم، ومن قائل: إنه ينحدر من أصلاب ملكية، وأن جدّه الملك شِنداسفنتو، ومن قائل: إنه ابن تيودفريدو دوق قرطبة الذي كان غيطشة قد عاقبه على ثورته عليه بسمل عينيه. ومهما يكن من أمرٍ، فإن المراجع الإسبانية اللاتينية القديمة، تجمع على أنه كان رجلاً قادراً، وأنه كان قبل اعتلائه العرش حاكماً لولاية بيتيكا، وأن الذين بايعوه على العرش فعلوا ذلك في قرطبة عاصمة ولايته.