للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يشاور رجاله في كلّ ما يصادفه من مشاكل ومعضلات، وبخاصة أولئك النفر من القادة والرؤساء الذين خلّفهم موسى مع ابنه عبد العزيز، قبل رحيله عن الأندلس، وأوصاهم به خيراً، وأوصاه بهم خيراً، فكان عبد العزيز عند حسن ظن أبيه موسى به، في اعتماده على أولئك النفر وثقته بهم، وركونه إليهم، واستشارتهم في أموره العامة. ولكنّهم لم يكونوا عند حسن ظنّ موسى بهم، إذ كانوا مع موسى ومع عبد العزيز يوم كانت الأيام مقبلة عليهم، فلما أدبرت عنهم انقلب قسم منهم على عبد العزيز، ودبّروا له المكايد، وحاربوه بالإشاعات الملفّقة، حتى اغتالوه وهو يصلّي في المسجد، ففاز بالشهادة، ولم يفوزوا بشيء.

ولم تطل مدة بقائه قائداً عامّاً بعد رحيل أبيه موسى عن الأندلس، لكي يتيسّر له الوقت الكافي لإنجاز فتوح جديدة، ولم تكن ظروفه الراهنة التي تحيط به وتؤثر فيه نفسيّاً، مساعدة لإبراز كفاياته قائداً لامعاً، فلا يستطيع محلِّل لقابلياته القيادية، أن يجيب على تساؤل المتسائلين: هل كان عبد العزيز قائداً موهوباً؟ هل كانت قيادته تتّسم بمزية: الطبع الموهوب؟

إنّ الفرصة لم تسنح له أن يثبت ذلك، فمضى دون أن يأخذ حقّه كاملاً في هذه الحياة، ومع ذلك فلا أحد ينكر عليه قائداً متميّزاً، كان بالإمكان أن يلمع أكثر مما لمع، وينجز أكثر مما أنجز، لو طالت مدّة قيادته، وحسنت ظروف حياته، ولكنَّ الرياح جرت بما لا تشتهي السّفن، والمرء مُقَدَّر لما خُلق له.

[عبد العزيز في التاريخ]

يذكر التاريخ لعبد العزيز، أنّه كان السّاعد الأيمن لأبيه موسى ابن نُصَيْر فاتح شطر الأندلس، في فتوحه الأندلسيّة.

ويذكر له، أنّه فتح مناطق واسعة جداً في جنوبي وجنوب شرقي الأندلس، وطهّر تلك المناطق من جيوب المقاومة القوطيّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>