فخاض طارق المعركة الحاسمة باثني عشر ألف مجاهد، وانتصر على القوط انتصاراً حاسماً، بعد أن تكبّد المسلمون ثلاثة آلاف شهيد.
وانطلق جيش طارق شمالاً، من وادي لكّهْ، حتى تم فتح طُليطلة وعدد كبير من المدن الأندلسية الكبرى، بقوات إسلامية لا تزيد عن تسعة آلاف مجاهد.
وتحقيق هذه الانتصارات المتعاقبة للمسلمين والفتوح، بمثل قواته القليلة في عَدَدها وعُدَدها، الكثيرة بمعنوياتها ومَددها، يمكن اعتباره مثالاً رفيعاً لتطبيق مبدأ: الاقتصاد في المجهود، ينبغي أن يكون أسوة حسنة في هذا المجال.
و- الأمن (١):
أمّن طارق حماية قواته في مراحل عملياته للفتح كافة، وبذل غاية جهده لمنع العدو من الحصول على المعلومات عن قواته، واستطاع الحصول على المعلومات الضرورية عن القوط عَدَداً وعُدَداً وتنظيماً وقيادة، مستفيداً من شتى المصادر لجمع تلك المعلومات، وبذلك طبق مبدأ: الأمن.
وهناك أمثلة كثيرة على تطبيق مبدأ: الأمن، عملياً، في عمليات طارق العسكرية، تحقيقاً لمقصده الرئيس في فتح الأندلس، فعملية طُريف بن مالك المعافري الاستطلاعية إلى برّ الأندلس، هي في جوهرها لجمع المعلومات المفصلة عن القوط، وطبيعة أرض الأندلس؟ وكان طارق يبدأ أعماله العسكرية بالاستطلاع، ليكون على بيّنة من أمره، ولا يخطو خطوة إلاّ بعد جمع المعلومات الضرورية بالاستطلاع، فلا يضع خطوته إلاّ في موضع أمين، فهو دائماً يعمل في النور لا في الظلام.
وقد ولاّه موسى على مقدمته في عملية فتح طنجة، وولاّه على مقدمته بعد
(١) الأمن: هو توفير الحماية للقوّة ومواصلاتها، لوقايتها من المباغتة، ومنع العدو من الحصول على المعلومات عن القوة وتسليحها وتنظيمها وتعدادها وقيادتها، وعن الأرض التي ستجري عليها المعارك القادمة.