كانت غرناطة أيام الدولة الأموية، قاعدة متواضعة من قواعد الأندلس الجنوبية وهي تحتل مكانة إلبيرة شيئاً فشيئاً، حتى كانت أيام الفتنة عقب انهيار الدولة الأموية في أواخر القرن الرابع الهجري، فأخذت القواعد الجنوبية تغدو بعد تخريب قرطبة، ونأي الثغور الشرقية والشمالية، مركز التجاذب والتنافس بين زعماء الفتنة. ووقعت غرناطة يومئذ من نصيب البربر، واستولى عليها زعيم صنهاجة زاوى بن زيرى واتخذها دار ملكه، وقامت في قرطبة دولة بني حمود الإدريسيّة، واستمرّت الحرب والفتنة مدى حين سجالاً بين المتغلبين من فلول بني أمية وبني عامر وفتيانهم ومواليهم، وبين زعماء البربر.
ولما ظهر المرتضى، وهو من عقب بني أميّة، ودعا لنفسه بالخلافة، سار في عصبة الأمويين والموالي إلى غرناطة، لانتزاعها واتخاذها دار ملكه، فردّه عنها صاحبها زاوي الصنهاجى في موقعة دموية (٤٠٨ هـ). واستقر زاوى في حكم غرناطة وأعمالها بضعة أعوام، ثم غادرها إلى دار قومه في تونس، واستخلف عليها ابن أخيه حبُّوس بن ماكس، فحكمها حتى توفي سنة (٤٢٩ هـ). وخلفه في ولايتها ولده باديس وتلقّب بالمظفّر، واستولى على مالقة من يد الأدارسة (بني حمُّود)، واتسع ملكه، ولبث طول حكمه الذي استطال حتى سنة (٤٦٧ هـ) في قتال مستمر مع بني عباد أمراء إشبيلية، أعظم وأقوى ملوك الطوائف يومئذ. ولما توفي باديس المظفر، خلفه في حكم غرناطة وأعمالها، حفيده عبد الله بن ملكيِّن بن باديس، واستمر في حكمها