إلى أن عبر المرابطون البحر إلى الأندلس في سنة (٤٨٣ هـ) بقيادة عاهلهم يوسف بن تاشفين، واستولوا عندئذ على غرناطة، كما استولوا على قواعد الأندلس الأخرى وانتهت بذلك دول الطائف التي قامت على أنقاض الخلافة الأموية في الأندلس، وعاشت زهاء ستين عاماً.
واستمر المرابطون في حكم الأندلس وقواعدها زهاء ستين عاماً أخرى، وتعاقب في حكم غرناطة عدة من أمراء اللمتونيين (١) وسادتهم، من قرابة يوسف بن تاشفين، فلما انهارت دولتهم في إفريقية، جاز الموحدون المتغلِّبون على دولتهم إلى الأندلس في سنة (٥٤٠ هـ - ١١٤٦ م)، وأخذوا يستولون تباعاً على القواعد والثغور، وسقطت غرناطة بأيديهم بعد ذلك بثلاثة أعوام في سنة (٥٤٣ هـ- ١١٤٨ م) بالرغم مما بذله المرابطون بقيادة قائدهم الشهير يحي بن غانية وحلفاؤهم النصارى من جهود عظيمة للدفاع عنها.
ولبثت غرناطة كباقي القواعد الأندلسية في يد الموحِّدين، يتناوب حكمها الأمراء والسادة من بني عبد المؤمن وقرابته، حتى كانت ثورة أبي عبد الله محمد بن يوسف بن هود سليل بني هود أمراء سرقسطة السابقين على الموحّدين، وانتزاعه معظم قواعد الأندلس من أيديهم.
وذلك أنه لما توفي أبو يعقوب يوسف المستنصر بالله سلطان الموحِّدين في سنة (٦٢٠ هـ) دون عقب، قام ابن أخيه أبو عبد الله محمد ولد يعقوب المنصور بالأندلس، وأعلن نفسه أميراً على بلنسية، باسم العادل بالله، وقام أخوه أبو علي إدريس في إشبيلية، واتخذ لقب المأمون، وبسط سلطانه على الأندلس، ولما توفي أخوه العادل أمير بلنسية قتيلاً بيد الثوار بعد ذلك بأربعة أعوام (٦٢٤ هـ) خلفه في رياستها، وولى عليها أخاه السيد أبا عبد الله ليحكمها من قِبَله. ثم شُغِلَ المأمون في الأعوام القلائل التالية، بالعمل على توطيد سلطانه بالمغرب، واستبدّ بالحكم، واستعمل العنف الشديد، وقضى
(١) لمتونة: اسم قبيلة بربرية كان المرابطون ينتمون إليها، ولذا يسمون أحياناً باللمتونيين.