للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - أبو عبد الله محمد بن على أبي الحسن وأحداث أيامه]

وجلس أبو عبد الله محمد (١) مكان أبيه على عرش غرناطة (أواخر سنة ٨٨٧ هـ)، وأطاعته غرناطة ووادي آش وأعمالها، وبقيت مالقة وغرب الأندلس على طاعة أبيه، وكان أبو عبد الله يومئذ فتى في نحو الخامسة والعشرين (٢). وكان فرديناند الخامس - عقب هزيمته أمام لوشة - قد سيّر جنده إلى مالقة لافتتاحها، وكانت أعظم الثغور الباقية بيد المسلمين. وكان النصارى يتوقون للاستيلاء عليها لإتمام تطويق الأندلس من الجنوب، ولكن المسلمين كانوا على أتمّ أهبة للدفاع عن هذا الثغر المنيع. واشتبك المسلمون والنصارى في عدة معارك دموية في الهضاب الواقعة فيما بين مالقة وبلش ( Velez) فهزم النصارى في كل مكان ورُدّوا بخسائر فادحة. وخرج الأمير محمد بن سعد (الزغل) في قواته من مالقة، ولقي النصارى على مقربة منها، ونشبت بين الطرفين معركة شديدة هُزِم فيها النصارى هزيمة ساحقة، وقُتِل وأُسِر منهم عدة آلاف بينهم كثير من الزعماء والأكابر (صفر ٨٨٨ هـ - آذار - مارس ١٤٨٣ م) (٣). وتعرف هذه المعركة (بالشرقية) لوقوعها في المنطقة المسماة بذلك في شرق مالقة، وكان منظم هذا الدفاع الباهر كله أبو عبد الله "الزغل". وكان لانتصار المسلمين أعظم وقع في جنبات الأندلس، فانتعشت الآمال، وسرت الحماسة في كل مكان، وهبّت على غرناطة روح جديدة من


(١) يعرف السلطان أبو عبد الله في الرواية القشتالية والإفرنجيّة بوجه عام بإسم: ( Boabdil) محرّفاً عن أبي عبد الله. وتورد الوثائق القشتالية الرسمية المتعلّقة بسقوط غرناطة اسمه على النحو التالي: Muley Boaudili Boudili Beaudili، ويورد مارمول اسمه مصحّحاً Abi Abdili, Abi Abdala, Abdilehi
(٢) يشير المؤرخ المصري عبد الباسط بن خليل إلى هذا الانقلاب، ويندد بسلوك سلاطين غرناطة في الوثوب بعضهم على بعض بقوله: "وهو غالب عادتهم بتلك البلاد، مع الآباء والأولاد، بل والأجداد، أنظر Al Andalus; Vol. ١. ١٩٣٣; Fase. ٢
(٣) أخبار العصر (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>