للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالقة، ففي شعبان سنة (٧٦٧ هـ - ١٣٦٦ م) زحف المسلمون على هذين المعقلين من الشمال والجنوب واحتلوهما بعد قتال شديد، وفي الوقت نفسه استؤنفت حركة الغزو لأراضي النصارى، ففي شعبان سنة (٧٦٨ هـ - ١٣٦٧ م) زحف الغني بالله في قواته على أراضي ولاية إشبيلية، وغزا مدينة أُطريرة الواقعة جنوب شرقي إشبيلية، وافتتح حصن أشر من معاقلها، واستولى على كثير من الغنائم والسبى، وعاث في أحواز إشبيلية ذاتها، وهي يومئذ عاصمة قشتالة. وفي أواخر هذا العام سار الغني بالله في قوة كبيرة إلى مدينة جيّان، وحاصرها بشدّة، واقتحمها بعد معارك شديدة، واستولى المسلمون على سائر ما فيها من الأموال والسلاح والنِّعم، وأسروا جموعاً كثيرة، وكان ذلك في أواخر شهر المحرم سنة (٧٦٩ هـ - أيلول - سبتمبر - ١٣٦٧ م). وفي شهر ربيع الأول من هذا العام، زحف الغني بالله على مدينة أبدة شمال شرقي جيّان، وافتتحها عنوة، ودمّر صروحها وكنائسها وأسوارها، وتركها خراباً بلقعاً (١)، وعاد إلى غرناطة مكلّلاً بغار الظفر.

وفي ربيع سنة (٧٧١ هـ - ١٣٧٠ م)، زحف المسلمون ثانية على أحواز إشبيلية، وحاصروا مدينة قرمونة الحصينة مدى حين، واقتحموا مرشانة الواقعة في جنوب شرقي قرمونة. وهكذا ظهرت المملكة الإسلامية في تلك المدة بمظهر من القوة لم تعرفه منذ بعيد، وكان عصر الغني بالله عصراً ذهبياً مليئاً بالسؤدد والرخاء والدّعة، لم تشهده الأمة الأندلسية منذ عصور (٢).

[٢ - يوسف أبو الحجاج وحوادث أيامه]

ولما توفي الغني بالله سنة (٧٩٣ هـ - ١٣٩١ م)، خلفه ولده يوسف أبو الحجاج (يوسف الثاني)، وقام بأمر دولته خالد مولى أبيه، فاستبدّ بالأمر، وقتل إخوة يوسف الثلاثة سعداً ومحمداً ونصراً في محبسهم، ثم سخط


(١) الإحاطة (٢/ ٥٤ - ٥٨) والاستقصا (٢/ ١٣٢).
(٢) نهاية الأندلس (١٢٧ - ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>