للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الأمة الأندلسية، تتمتع حتى عصورها الأخيرة بحضارة زاهرة، كانت مثار التقدير والإعجاب في سائر الأمم الأوروبية، وكان يحجّ إليها وإلى معاهدها ومدارسها وجامعاتها العلمية كثير من التلاميذ والطلاب من مختلف أنحاء أوروبا.

وكان الشعب الغرناطي، من أهل السنّة، يدين بمذهب مالك، وهو المذهب الذي غلب على الأمة الأندلسية منذ أواخر القرن الثاني الهجري، أعني منذ عصر هشام بن عبد الرحمن الداخل. ولم تتأثر غرناطة في نزعتها المذهبية ولا تقاليدها الدينية السمحة، بما توالى عليها من سيادة المرابطين والموحدين حيناً من الدهر (١).

[طبيعة الصراع بين الأندلس وإسبانيا النصرانية]

[١ - حرب الاسترداد ومولد مملكة غرناطة]

يبدأ بقيام مملكة غرناطة طور جديد من أطوار الصراع يمكن أن نسميه: حرب الاسترداد القومية ( La Reconquista) وقد بدأت إسبانيا النصرانية هذه الحرب منذ منتصف القرن الخامس الهجري، أي حينما انهارت الدولة الإسلامية في الأندلس، وانتثرت إلى عدة دويلات صغيرة متنافسة هي دول الطوائف. وبلغت الأندلس أيام الطوائف من التفرق والضعف مبلغاً عظيماً، حتى لاح لإسبانيا النصرانية أن عهد الدولة الإسلامية أوشك على الزوال، وأن الفرصة قد سنحت لتضرب ضربتها الحاسمة. وكانت مملكة قشتالة تتزعم إسبانيا النصرانية، وتقودها في ميدان الصراع على المسلمين، وكان ملكها الفونسو السادس يعمل بذكاء لاستغلال منافسة الدول الإسلامية وتفرّق كلمتها، ويغلب أميراً على أمير، حتى انتهى بالاستيلاء على مدينة طليطلة من


= Maures) .
(١) نهاية الأندلس (٥٢ - ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>