يد صاحبها يحيى ذي النون، وذلك في صفر من سنة (٤٧٨ هـ - أيار - مايو - ١٠٨٥ م)، وكانت طليطلة أول قاعدة إسلامية عظيمة تسقط في يد إسبانيا النصرانية. ويعتبر بعض الباحثين سقوطها ختام التفوق السياسي للمسلمين في الأندلس، وبدء مرحلة التفوق السياسي لإسبانيا النصرانية. وعلى كل حال فقد كان سقوط طليطلة نذيراً خطيراً للمسلمين في الأندلس، يذكرهم بقوة العدو المتربص بهم، ويحذرهم عاقبة التنابذ والتفرّق، فاجتمعت كلمة أمراء الطوائف يومئذ على الاستعانة بإخوانهم فيما وراء البحر في عدوة المغرب، وكان المرابطون يومئذ قد بسطوا سلطانهم على سائر بلاد المغرب، وبدت دولتهم قوية شامخة، فاستجاب ملكهم يوسف بن تاشفين إلى صريخ الأندلس، وكانت هزيمة إسبانيا النصرانية على يد قوات المغرب والأندلس في معركة الزلاقة (٤٧٩ هـ - ١٠٨٦ م) فاتحة حياة جديدة للأمة الأندلسية. ولما اضمحل سلطان المرابطين في الأندلس بعد ذلك بنحو ستين عاماً، خلفهم الموحِّدون في ملك المغرب والأندلس، وأحرز الإسلام على النصرانية نصراً حاسماً في معركة الأرك الشهيرة، التي انتصرت فيها جيوش يعقوب المنصور ملك الموحِّدين على جيوش الفونسو ملك قشتالة (٥٩١ هـ - ١١٩٥ م)، فانكمشت إسبانيا النصرانية إلى مدى حين، ولكنها عادت فاجتمعت كلمتها تحت لواء الفونسو ملك قشتالة، وسارت الجيوش النصرانية المتحدة إلى لقاء المسلمين بقيادة ملك الموحدين محمد الناصر ولد يعقوب المنصور، فأصيب المسلمون في موقعة العقاب بهزيمة فادحة (٦٠٩ هـ - ١٢١٢ م) وأخذ سلطان الموحدين في الأندلس يتداعى من ذلك الحين، وبدأ مصير الأندلس يهتزّ في يد القدر، ولم تمض مدة وجيزة أخرى، حتى بدأت قواعد المسلمين في الأندلس تسقط تباعاً في يد النصارى: قرطبة (٦٣٣ هـ)، بلنسية (٦٣٦ هـ)، شاطبة ودانية (٦٣٨ هـ)، مرسية (٦٤١ هـ)، إشبيلية (٦٤٤ هـ)، وهكذا سقطت عدة من قواعد الأندلس التالدة، ومنها عاصمة الخلافة القديمة في يد إسبانيا النصرانية في مدة عشرة أعوام فقط، ولقيت