للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عربياً أصيلاً؟ ما الذي جعل القيادة تسعى إليه، وهو من البربر؟

لا بد وأن تكون لديه مزايا قيادية فذّة، مهّدت له الطريق لتولي القيادة، وتغلبت على العقبات التي كانت تحول بينه وبين أمثاله من غير العرب، لتولي القيادة في تلك الأيام من عهد بني أمية في التاريخ الإسلامي العريق.

[فما هي مجمل تلك المزايا؟]

لم يأخذ موسى حشوداً من العرب المسلمين معه إلى إفريقية والمغرب، فقد سار من مصر مصحوباً ببعض المتطوِّعين من رجال القبائل العربية هناك (١)، واعتمد في فتوحه على العرب والبربر الموجودين في إفريقية والمغرب، ولم يكن تعداد العرب المسلمين بالنسبة إلى تعداد البربر المسلمين الذين يتزايدون يوماً بعد يوم شيئاً مذكوراً، فكان العرب المسلمون أقلية، والبربر المسلمون أكثرية، ولا مجال لموسى إلاّ في التعاون مع البربر المسلمين، فاستعان بهم فتمكن من توسيع نطاق فتوحاته، لتشمل من القيروان إلى المحيط الأطلسي (٢).

وبعد أن أخضع موسى القبائل البربرية في إفريقية، قرر أن يبذل جهوداً فعالة لافتتاح المغرب، فأرسل ثلاث حملات: قاد الأولى بنفسه (٣)، وقاد الحملتين الثانية والثالثة قائدان مرءوسان من قادته (٤)، فنجح موسى في محاولاته الثلاث نجاحاً باهراً، أرضى بها كلاً من عبد العزيز بن مروان والي مصر ومسئوله المباشر، والخليفة في دمشق، اللذين أبديا إعجابهما بحملاته الناجحة وكثرة ما حمله إليهما من غنائم (٥).


(١) أخبار مجموعة (٣ - ٤) ونفح الطيب (١/ ٢٣٠ و ٢٥٠).
(٢) Cf. p.Guichard, Al J Andalus. P. ٢٨٤
(٣) المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب (١١٧ - ١١٨) والبيان المغرب (١/ ٤١).
(٤) البيان المغرب (١/ ٤١ - ٤٢) وابن خلدون (٤/ ٤٠٢).
(٥) ابن حبيب (٢٢٤) وفتح مصر والمغرب (٢٠٣ - ٢٠٤) وفتح الأندلس (١٢) والرسالة =

<<  <  ج: ص:  >  >>