للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحينذاك يمكن أن يهاجموا قوات طارق في مواضعها الدفاعية، ويمكن أن يستعيدوا ما فقدوه من مدن أندلسية من المسلمين، وبخاصة وأن التفوق العَدَدي والعُدَدي مع القوط على المسلمين. وحتى في حالة وصول المدد إلى المسلمين، وهم بهذه الحالة، من تجمع القوط واستعادة معنوياتهم، فإن انتصار المسلمين عليهم يكون أصعب بكثير من حالتهم في تفرقهم وانهيار معنوياتهم، مما يجعل اتخاذ هذا المسلك من طارق، غير مأمون العواقب، ولا مضمون النتائج.

والمسلك الثاني الذي كان أمام طارق، هو مطاردة فلول القوط بسرعة وبتماس شديد، وهذا هو المسلك الذي اتخذه طارق، وطبَّقه عملياً في مسيرة الفتح.

لقد كان أمام طارق مسلكان صعبان، أحلاهما مُرّ، فاختار المسلك الذي يناسب المجاهدين الصادقين في القرن الأول الهجري، خير القرون، وقرن الفتوح الإسلامية المجيدة.

وما كان بإمكانه أن يختار المسلك الأول، مسلك الدفاع، لأنه كان قائداً تعرضياً لا قائداً دفاعياً، ولا تنطبق مقاييس طارق على مقاييس القادة في العصر الحديث، فقد كانت أسبقية المقاييس بالنسبة لطارق وقادة الفتح الإسلامي قاطبة، للمقياس الروحي، فأصبحت أسبقية المقاييس اليوم، للمقياس المادي، وشتّان ما بين المقياسين.

ولكل عصر مقاييسه المعتبرة، ولكل زمان دولة ورجال.

٥ - مجمل السِّمات:

أ - سِماته الخاصة:

ذكاء خارق، وكياسة واتِّزان وحصافة، وحسن التدبير وحسن السياسة، والقابلية على استقطاب الثِّقة به إنساناً وقائداً، ونسبه البربري الذي آثر عليه نسبه إلى الإسلام، فهو طارق ابن الإسلام بحق لا طارق ابن البربر نسباً،

<<  <  ج: ص:  >  >>