للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيادة على جماعة من البربر، لتحقيق استطلاع في الأندلس، وربما بقي طريف مجهولاً لو لم يتَسنّم هذا المنصب القيادي، الذي سترد أخباره وشيكاً.

[الفاتح]

بدأ موسى بن نصير استشارته للخلافة في دمشق، وكان الخليفة القائم حينذاك هو الوليد بن عبد الملك بن مروان (٨٦ هـ- ٩٦ هـ)، بعد اتصالاته بيُلْيَان (١) صاحب مدينة سَبْتَة أو قبل اتصالاته بيليان. وقد تردّدت الخلافة بادئ الأمر في الموافقة على القيام بمثل هذه العملية الكبيرة: فتح الأندلس، خوفاً على المسلمين من ركوب البحر، ومن صعوبة القتال بحراً وبرّاً، وهي تعلم أن خبرة المسلمين والعرب منهم بخاصة في فنون القتال البحري قليلة جداً.

فقد كتب موسى بن نصير إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، يخبره بالذي دعاه إليه يليان (من فتح الأندلس) من أمر الأندلس، ويستأذنه في اقتحامها. وكتب إليه الوليد: "أن خُضْها بالسرايا، حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرّر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال". وراجعه موسى: "أنه ليس ببحرٍ زَخّار، وإنما هو خليج منه يبين للناظر ما خلفه"، فكتب إليه: "وإن كان، فلا بد من اختباره بالسرايا قبل اقتحامه" (٢).

وأرسل موسى في شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين الهجرية (آب: أغسطس - أيلول: سبتمبر ٧١٠ م) سرية استطلاعية إلى جنوبي الأندلس، مؤلفة من خمسمائة مجاهد، منهم مئة فارس، والباقي من المشاة، بقيادة أبي


(١) أنظر ما جاء عن يليان وعن اتصالاته بموسى بن نُصَير وطارق بن زياد، في سيرة طارق بن زياد، في كتاب: قادة فتح الأندلس والبحار.
(٢) نفح الطيب (١/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>