للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاية دولة الإسلام في الأندلس

٨٦٨ هـ - ٨٩٧ هـ - ١٤٦٣ م - ١٤٩٢ م

[الأندلس على شفا المنحدر]

[١ - علي أبو الحسن وأحداث أيامه]

كانت شمس الأندلس تؤذن بالغروب، وكانت تغرب في الواقع بخطى وئيدة، ولكن مؤكدة. ولم يك ثمة شك، في أن هذه المملكة الإسلامية الصغيرة التي يسودها الخلاف والتفرق، وتعصف بوحدتها ومنعتها الحروب الداخلية، كانت تنتحر ببطء، وأن هذه الأمة الأندلسية التي أخذت تنكمش في مدنها وثغورها القليلة، كانت تنظر إلى المستقبل بعين التوجّس والجزع، وأن هذه الحياة الباهرة الساطعة التي كانت تحياها بين آن وآخر، كلما تربع على العرش أمير قوي رفيع الخلال، لم تكن إلاّ سويعات النعماء الأخيرة في حياة أمة عظيمة تالدة. وقد كان هذا الشعور يخالج رجالات الأندلس منذ بعيد، حتى قبل أن تتفاقم الأمور، وكمثال على ما كان يتوقعه رجالات الأندلس: ما توقعه ابن الخطيب (١) والمؤرخ ابن خلدون (٢)، ولكن لم ينصت أحد إلى توقعات المفكرين، فكانوا كنبيٍ في الصحراء.

ولما توفى السلطان سعد بن يوسف النصري في أواخر سنة (٨٦٨ هـ - ١٤٦٣ م)، كان ولده الأكبر علي أبو الحسن الملقب بالغالب بالله (٣) متربعاً على عرش غرناطة قبل ذلك بأكثر من عام. وكان أبو الحسن يومئذ فتى في نحو الثلاثين من عمره، لأنه ولد قبل سنة (٨٤٠ هـ)، بيد أنه لم يستخلص


(١) أنظر توقعاته في أزهار الرياض (١/ ٦٤) ونفح الطيب (٢/ ٥٧١) مثلاً وأزهار الرياض (١/ ٦٦).
(٢) أنظر ابن خلدون (٤/ ١٧٨) و (٧/ ٣٧٩).
(٣) أنظر نفح الطيب (٢/ ٦٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>