للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الواضح، أنه يمكن أن نستنتج من هذا الوصف لقوات القوط، أن لذريق وهو القائد العام كان مترفاً جداً، ولا يمكن أن يقاتل المترَف كما يقاتل الرجال، لأنه يحرص على ترفه أكثر مما يحرص على الموت. كما أن الجيش القوطي كان على حالة إدارية متميِّزة، يحمل الأموال والكساء، وتحمله الخيول، ولا تنقصه مادة إدارية تؤثر في نشاطه القتالي. كما يمكن استنتاج أن القوط قد أعجبتهم أنفسهم، فضمنوا لهم النصر على المسلمين، والإعجاب بالنفس قبل نشوب القتال، لا يؤدي إلى خيرٍ أبداً. ويبدو أن إعداد الحبال للأسرى قبل المعركة، كان محاولة من لذريق لرفع معنويات القوط، مما يدل على أنّ معنوياتهم قبل الإشتباك لم تكن عالية، ولا نصر لقوات لا تتحلى بالمعنويات العالية.

ثانياً. موقف المسلمين:

لما علم طارق بأخبار حشود القوط الكثيفة لقتال المسلمين، كتب إلى موسى بن نصير يستنجده، فأرسل إليه جيشاً قرابة خمسة آلاف مقاتل، بقيادة طريف بن مالك (١)، حملتهم سفن صنعها المسلمون، ولعل يُلْيَان قدّم التسهيلات لعبور هذا المدد إلى الأندلس، فأصبح تعداد الجيش الإسلامي في الأندلس اثني عشر ألف مقاتل، جلّهم من البربر المسلمين (٢). وفي ذلك يقول صاحب أخبار مجموعة: إنّ طارقاً، "كتب إلى موسى يستمده ويخبره أن قد فتح الله الجزيرة واستولوا عليها وعلى البحيرة، وأنه قد زحف إلى ملك الأندلس بما لا طاقة له به. وكان موسى مذ وجّه طارقاً أخذ في عمل السفن، حتى صارت معه سفن كثيرة، فحمل إليه خمسة آلاف، فتوافى المسلمون بالأندلس عند طارق اثنا عشر ألفاً" (٣).


(١) العبر (٤/ ٢٥٤) ونفح الطيب (١/ ٢٣٣).
(٢) نفح الطيب (١/ ١/ ٢٣١ و ٢٣٩).
(٣) أخبار مجموعة (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>