للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - اختيار المقصد وإدامته (١):

كان مقصد طارق في عملية الإنزال، ثم الانطلاق شمالاً في الجزيرة الأندلسية، واضحاً جلياً هو: فتح الأندلس، والبقاء فيها، أسوةً بالبلاد التي فتحها المسلمون قبل الأندلس. وقد كان هذا المقصد، من اختيار موسى، وكان على طارق مهمة وضعه في حيز التنفيذ العملي، وإدامة تحقيقه بمراحل متعاقبة، تبدأ بحشد القوة الكافية للإنزال، وإعداد وسائط نقل الجيش الإسلامي من البر الإفريقي إلى البر الأندلسي، وإجراء عملية العبور، وإنزال الجيش الإسلامي إلى البر الأندلسي، وإتخاذ رأس جسر من القوة الإسلامية النازلة، وتأمين حماية رأس الجسر وتطويره ليصبح قاعدة أمامية متقدمة للمسلمين، وتحصين تلك القاعدة وحمايتها، والانطلاق منها انسياحاً في البلاد للفتح ..... إلخ ....... كما جرى عملياً في الفتح.

ومن الواضح، أن الفتح هو المقصد الذي جرى اختياره، ولكن إدامة هذا المقصد يجري بمراحل، لكل مرحلة من مراحله مقصد واضح أيضاً، كالرافد يصب في النهر الكبير، والرافد يمثّل مقصد كل مرحلة، والنهر الكبير يمثل المقصد الرئيس وهو: الفتح، وتلك الروافد، تديم النهر الكبير، الذي هو المقصد الرئيس، وهو الفتح، لهذا فإن مقاصد مراحل عملية الفتح بمجموعها تتفق مع المقصد الرئيس وتديمه ولا تتناقض معه وتضعفه في حال من الأحوال.

لقد كان طارق يعرف حق المعرفة مقصده، وقد بذل قصارى جهده


= تصرفاته الحربيّة، وهي العناصر الأساسية التي يتكوّن منها مسلك القائد في أعماله القيادية بصورة طبيعية وغير متكلفة.
(١) اختيار المقصد وإدامته: في كلّ حركة حربيّة، من اللاّزم اختيار المقصد وتعريفه بوضوح، والمقصد النهائيّ هو تحطيم إرادة العدو على القتال. ويجب أن نوجه كلّ صفحة من صفحات الحرب نحو هذا المقصد الأعلى، ولكن لكلّ صفحة من تلك الصفحات مقصد محدود، يجب أن يُعرف بوضوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>