للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القائد]

[١ - سماته القيادية عامة:]

يتميز طارق على مَن سبقه من قادة الفتح الإسلامي، وعلى مَن عاصره منهم، بأنه أول قائد غير عربي تولّى منصب القيادة، في دولة تختار قادتها من العرب المسلمين، ولا تُولي القيادة مسلماً غير عربي، بل ينبغي أن يكون القائد عربياً مسلماً.

كما تولى طارق القيادة، وهو غير عربي، على قادة من العرب، وعملوا بإمرته وتحت لوائه دون تردد ولا تذمّر.

لقد كان طارق من البربر، تولى قيادة جيش المسلمين لفتح الأندلس، على عهد الوليد بن عبد الملك، أحد خلفاء بني أمية وأكثرهم فتحاً، وكانت الدولة الأموية تلتزم العرب وتتعصب لهم، فلا تُولي القيادة إلاّ من عربياً أصيلاً. ولم يسبق أن تولّى منصب القيادة منذ جاء الإسلام وبدأ الفتح الإسلامي، إلى أيام طارق، إلاّ عربي مسلم أصيل.

بل لم يتسنّم طارق هذا المنصب الرفيع في القيادة حسب، بالرغم من نسبه إلى غير العرب، فقد أصبح أيضا قائداً على عدد من القادة العرب المسلمين في الأندلس، كانوا مع المدد البالغ تعداده خمسة آلاف مجاهد، الذين أمدّ بهم موسى بن نصير طارقاً (١) فعمل هؤلاء القادة العرب بقيادة طارق، وساروا بإمرته، وخضعوا لسلطته، ونفّذوا أوامره ووصاياه دون تردد.

بل لم يكن العربي المسلم، ليتولى منصب القيادة، في عهد الدولة

الأموية، إلاّ إذا كان عربياً أصيلاً لا من قوارير، ذا حَسَب ونسب، رئيساً على قبيلته، أو من بين أفراد عائلة ذلك الرئيس. ولكن ليس كل رئيس قبيلة يتولى منصب قيادتها وقيادة غيرها من القبائل والشعوب الإسلامية الأخرى، ولا كل


(١) أخبار مجموعة (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>