للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدائن شط البحر، وعلى رأسها سَبْتَة، وعليها يليان، فقاتله موسى، ولكنه ألفاه في نَجْدة وقوّة وعُدَّة، فلم يُطِقْه، فرجع إلى طنجة، وأقام هناك بمن معه. وأخذ موسى بالغارات على منطقة سبتة، والتضييق عليهم، بالميرة والإمداد من إسبانيا من قِبَل ملكها غَيْطَشَة، فهم يذبّون عن سبتة ذبّاً شديداً، ويحمون بلادهم حماية تامة (١) فكانت علاقة يليان بغيطشة من أهم أسباب نجاحه في الدفاع عن منطقته وحمايتها. ولكن هذه العلاقة كانت علاقة مصلحة متبادلة: مصلحة يليان تَلَقى العون من غيطشة بعد أن حرم من عون القسطنطينية، ومصلحة غيطشة أن تصبح سبتة ومنطقتها الخط الدفاعي الأول عبر بحر الزقاق عن إسبانيا تجاه الفتح الإسلامي، وكسب هذه المنطقة لإسبانيا في الحاضر والمستقبل، وما كان تعاون يليان مع القوط الغربيين إلاّ مضطراً (٢).

والمؤرخ الأجنبي الذي زعم أن يليان فارسي، لأنه خلّف ولداً اسمه: بَلْكايش، وهو اسم فارسي، فإن زعمه متهافت غير منطقي ولا معقول، فكثير من الفرس أسماؤهم عربية، وكثير من العرب أسماؤهم غير عربية، وكثير من أبناء المسيحيين أسماؤهم إسلامية، فلا يصبح الفارسي عربياً ولا العربي فارسياً ولا المسيحي مسلماً استناداً على اسمه أو اسم ولده، ولو زعم مثل هذا الزعم مؤرخ عربي أو مسلم، لاعتُبر زعمه فضيحة مدوِّية، ولسارت بأخبارها الركبان.

إن يليان مسيحي رومي، كان الحاكم البيزنطي العام على ولاية سبتة، ثم تعاون مع غيطشة حتى مات، فتعاون مع لذريق الذي خلف غيطشة، ثم تعاون مع موسى بن نصير وطارق بن زياد.

٢ - يليان والمسلمون الفاتحون:


(١) نفح الطيب (١؛ ٢٣٤).
(٢) أخبار مجموعة (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>