منعت مشاكل القوط الغربيين الداخلية بعد رحيل غيطشة سنة (٧٠٨ م أو سنة ٧٠٩ م) من الاستمرار في معاونة يليان (١)، فأصبح وحيداً أمام تيار الفتح الإسلامي الجارف، وأصبحت ولايته وحدها هدفاً للفتح، فلم يكن بإمكانه أن يثبت طويلاً.
لقد رأى يليان الولايات البيزنطية في الشمال الإفريقي تنهار واحدة بعد أخرى، أمام زحف المسلمين الفاتحين، وكان آخر تلك الولايات ولاية طنجة المجاورة لولايته والتي فتحها المسلمون، فلم يبق أمام يليان غير التعاون مع المسلمين الفاتحين، ليبقى في منصبه على ولاية سبتة، وإلاّ فإن المسلمين قادرون على فتح ولايته عَنْوَة كما فتحوا غيرها من الولايات، ولن يطول انتظار يليان ليرى مصير ولايته المتوقع الذي لا شك فيه.
إن حرمان يليان من عون ملك القوط ومعاونته، هو السبب غير المباشر لتقرّبه من المسلمين الفاتحين وتعاونه معهم ومعاونته لهم.
ولسنا نعرف شيئاً عن الأسس التي ارتكز عليها السلام بين يليان والمسلمين الفاتحين، وكل ما نعرفه أن طارق بن زياد حاول فتح سبتة كما حاول موسى قبله، فلم يستطع فتحها عَنْوَة، فاكتفى بالتودد إلى يليان ومجاملته، وفجأة سلّم يليان سبتة للمسلمين الفاتحين صلحاً، وشجعهم على فتح الأندلس، وعرض عليهم معاونته لهم وتعاونه معهم من أجل تحقيق الفتح.
والمصادر الإسلامية تذكر سبباً مباشراً لاستسلام يليان وتشجيعه على فتح الأندلس، وتعاونه مع المسلمين الفاتحين لتحقيق الفتح.
فقد ذكرت، أنه كان من سِيَر أكابر العجم بالأندلس وقوادهم، أن يبعثوا أولادهم الذين يريدون منفعتهم والتنويه بهم، إلى بلاد الملك الأكبر بطُليطلة
(١). Dozy. p. ٢٣٠ & Shaw. op. cit. ٢٢١-٢٢٢; Livermere. pp. ٢٤٥-٢٤٦ وعبد العزيز سالم - تاريخ المسلمين وحضارتهم في الأندلس بيروت - ١٩٦٢ - (٤٧).