للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحملة الناحجة التي قادها موسى، من هذه الحملات الثلاث، زحف موسى مصحوباً بطارق على مقدّمته إلى طنجة، ففتحها، ثم توغل جنوباً ففتح مناطق واسعة جداً، وكالن توغله ناجحاً للغاية. وقد امتازت تلك الحملات التي قام بها موسى وقائداه، بضراوة شديدة، ولكن ما أن يعتنق البربر الإسلام، إلاّ ويُقرّ الفاتحون زعماءهم في الرئاسة، مقابل مساهمة كل قبيلة بربرية بعدد كافٍ من المجاهدين والانضمام إلى جيش المسلمين، فاستطاع موسى أن يجند أعداداً هائلة من مختلف قبائل البربر، مثل: كُتَامَة، وهَوَّارة، وزَنَاتة، ومَصْمُودَة (١)، فوحد موسى هؤلاء المجاهدين الجُدد من البربر، ووضعهم جميعاً في حامية طنجة بقيادة طارق الذي عينه حاكماً على هذه المدينة في حدود سنة تسعين الهجرية (٧٠٨ م)؟ ولم يُبْقِ مع طارق إلاّ القليل من العرب المسلمين، الذين كانت مهمتهم نشر تعاليم الإسلام بين البربر (٢)، وغادر الجيش الإسلامي بقيادة موسى إلى القيروان، حيث استقر موسى ومَن معه هناك، وبقي طارق وجيشه البربري في طنجة قائداً ووالياً.

ومنذ ذلك الوقت، تمت سيطرة موسى بن نصير على الشمال الإفريقي، أي سيطرة الدولة الإسلامية، على تلك المناطق النائية، بعد سبعين سنة من الاقتتال بين الفاتحين المسلمين وبين البربر، هي المنطقة الكائنة بين بَرْقة (٣) على الحدود الليبية المصرية والمحيط الأطلسي. وما كان موسى ليستطيع


= الشريفية (١٦٥) والنويري (٢٢/ ٢٢ - ٢٣).
(١) البيان المغرب (١/ ٤٣ - ٤٤) وعبيد الله بن صالح - تحقيق بروفنسال (٢٢٤).
(٢) ابن حبيب (٢٢٢) وفتح مصر والمغرب (٢٠٤ - ٢٠٥) وذكر بلاد الأندلس (رقم ٨٥ج) ص: ٨٣ - ٨٤ وابن الأثير (٤/ ٥٤٠) ووفيات الأعيان (٥/ ٣٢٠) والبيان المغرب (١/ ٤٢) والنويري (٢٢/ ٢٢) وابن خلدون (٤/ ٤٠٢) و (٦/ ٢٢٠ و ٤٣٧) ونفح الطيب (١/ ٢٣٩) والسلاوي (١/ ٩٦).
(٣) برقة: اسم صقع كبير، يشتمل على مدن وقرى بين الإسكندرية وإفريقية، واسم مدينتها: إنطابلس، وتفسيره الخمس مدن، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (٢/ ١٣٣) والمسالك والممالك (٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>