للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شباط - فبراير -١٤٨٢ م). وهرع السلطان أبو الحسن في قواته لإنقاذ الحامة واستردادها، وحاصرها بشدة، ولكنه لم يستطع اقتحامها، ولم يلبث أن اضطر إلى مغادرتها حينما علم أن ملك قشتالة يتقدم لإنجادها في جيش قوي ضخم (١)، ولم تمض أشهر قلائل، حتى زحف ملك قشتالة على لوشة (٢) الواقعة على نهر شنيل في شمال غربي الحامة وعلى مقربة منها وحاصرها. ودافعت عنها حاميتها أروع دفاع بقيادة قائدها الأمير الشيخ علي العطار، وكان رغم شيخوخته من أشجع وأبرع فرسان غرناطة في ذلك العصر (٣). وسار أبو الحسن بقواته مسرعاً لإنجاد لوشة، انتهى الأمر بأن رُدّ النصارى بخسارة فادحة في الرجال والعدد (جمادى الأولى ٨٨٧ هـ - تموز - يوليه ١٤٨٢ م)، وكان مما استولى عليه المسلمون من النصارى بعض "الأنفاط" التي تستخدم لحصار المدن (٤).

وما كاد أبو الحسن يعود إلى عاصمة ملكه، حتى تجهّم الجو من حوله. وكانت سياسته الداخلية قد أثارت حوله كثيراً من السخط، بالرغم مما أحرزه من نجاح، وسرعان ما نشبت الثورة في غرناطة، وغلبت دعوة الأمير الفتى أبي عبد الله، ولم يستطع أبو الحسن وصحبه مواجهة العاصفة، ففرّ الملك الشيخ إلى مالقة، وكان فيها أخوه الأمير أبو عبد الله محمد بن سعد المعروف (بالزّغل) أي الشجاع الباسل، يدفع عنها جيشاً جرّاراً سيّره ملك قشتالة للاستيلاء عليها (٥).


(١) أخبار العصر (٦ و ٩) وكذلك Prescott; ibid; P. ٢٠٦-٢١٠
(٢) هي بالإسبانية: ( Loja) ، وهي بلد الوزير ابن الخطيب.
(٣) تنوِّه الرواية القشتالية ببطولة هذا القائد المسلم، وتعرفه بإسم: " Aliatar"، أنظر رواية Hermando de Baeza المنشورة بعناية ميللر ضمن كتاب: أخبار العصر (ص: ٧٨).
(٤) أخبار العصر (١١).
(٥) نهاية الأندلس (١٧٤ - ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>