متخوفاً من وثبة تكون من أحد أعدائه الكثيرين، لأن هؤلاء الأعداء لم يكونوا أولاد غيطشة وحدهم، بل كانوا في واقع الأمر جلّة الشعب الإسباني الروماني ويهود إسبانيا.
ومصداق ذلك، أن لذريق لم يكد الأمر يستقر له، حتى يرغم رجال الدين على إصدار قرارات يتهمون فيها غيطشة بكل شر، ويصورونه للناس بصورة جبَّار ظالم، أراد بالناس وبالكنيسة كل أذى، وأن لذريق لم ينهض إلاّ لإنقاذ الناس من شره وشر أولاده وكل مَن كان يلوذ بهم. وقد أجاب رجال الدين طلبه، فحفلت قرارات مجامعهم الدينية في عصر لذريق، بأسوأ الاتهامات لغيطشة وبنيه ويهود.
ومصداق ذلك أيضاً، أن لذريق قضى معظم أيام حكمه القصير، يحارب الثائرين عليه في كل ناحية، وأنه قام بحملات متتابعة على الباسك في الشمال، وطوائف من الثائرين في الشرق والجنوب.
وربما كان من دلائل سوء الحال في عهد لذريق، أنه كان في حاجة مستمرة ملحّة للمال، لأن البلاد كانت مضطربة في أيامه، لا يكاد يطيعه في نواحيها إلاّ إقليم صغير.
والغالب أن حاجة لذريق إلى المال، هي التي دفعته إلى السطو على الذخائر الغالية، التي كان ملوك القوط قبله، قد كدّسوها في كنيستي سان بدرو وسان بابلو، فقد جرت عادة كل ملك منهم أن يودع إحدى الكنيستين تاجه وبعض ذخائره، وكانت هذه الذخائر مكدّسة في حجرتين مغلقتين في الكنيستين، فلما اشتدت حاجة لذريق للمال، حدّثته نفسه بأخذ بعض هذه الذخائر، للانتفاع بها. وقد حذّره القس من أن يفعل ذلك، ولكنه لم يصغ، ومضى ففتح مستودع الذخائر. ويبدو أنه ذهل من كثرة ما وجد من الذهب والجوهر. فلم يجرؤ على أخذ شيء، لأن رهبة المكان منعته من أن ينفذ ما أراد. وتحدث الناس في ذلك وتناقلوه، حتى أصبح أسطورة في أفواه الناس، ورواها المسلمون على صورة لا تخلو من