للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد)).

يقول -رحمه الله- في ذلك: (لم يكن عبد الكريم قاسم شيوعياً، ولكن كان مضطراً للاستعانة بهم، وبخاصة في تلك الأثناء التي اندلعت فيها ثورة الشوَّاف في الموصل، فأطلق أيديهم يعملون ما يشاؤون، ولم يكن بوسعهم الصبر على موقفي منهم (١)، فبعث إلى المنطقة بضابط يصلح لتحقيق رغبات الشيوعيين، وما لبثوا أن تجمّعوا حوله ليخطب فيهم داعياً إياهم إلى سحل كل ضابط وفدائي يقف في طريقهم، أو لا يؤيد ثورتهم، فكان عليّ أن أتدارك ما أمكن من الخطأ، فدخلت على هذا الضابط أحذره مغبة تصرفه، فما كان منه إلا أن اتصل بعبد الكريم قاسم لإقصائي عن طريقه، وهكذا تمّ لهم ما يشاءون، وكان ذلك في الهزيع الأخير من إحدى ليالي رمضان، حيث أوقفني ثلاثة من جنودهم فاعتقلوني ثم حملوني في حراسة مشددة إلى السجن المخصص لأعداء الثورة في بغداد، واستمر وجودي ثمانية عشر شهراً مشحونة بأنواع من التعذيب الذي يعجز الوصف عنه، وفي جسدي اثنان وأربعون كسراً في العظام (٢)).

(٦) لم يكن اللواء الخطاب مجرد ضابط موظف محترف، بل خبر العلوم العسكرية، وتبحّر في هذا التخصص، واجتهد فيه يشهد له بذلك الإمام الجليل الشيخ محمد أبو زهرة -رحمه الله تعالى- فيقول: (قائد يعرف خصمه، فيدرك مراميه، حتى إنه ليتوقع الحرب أو الهجوم من عدوه في ميقاتها، وقبل أن يعلنها، وقبل أن يفكر فيها من سيكونون حطبها، لأنه يعلم الخصم ومآربه وحاله، ويتعرف من ذلك مآله، علم بهجوم اليهود سنة ١٩٦٧ م قبل أن يعلنوه،


(١) كان الفقيد يومها رئيس هيئة أركان حرب الفرقة الأولى مسؤولاً عن أمن الجنوب ما بين بغداد والبصرة.
(٢) من رسالة التخرج لابنة المؤلف آمنة محمود شيت خطاب ص ١٦ (غير مطبوع).

<<  <  ج: ص:  >  >>