للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلف حسّان بن النعمان الغسّاني (١) زهيراً ففتح قَرْطاجَنّة وفاس وانتصر على الروم في معركة سَوْقِيّة حاسمة.

وجاء موسى بن نصير (٢) خلفاً لحسان، فأكمل فتح المغرب الأقصى، وفتح طنجة عَنْوَة، وفتح سبتة صلحاً.

وكان فتح طنجة سنة تسع وثمانين الهجرية (٧٠٩ م)، وفي هذه السنة مات غيطشة، وتولى مكانه لذريق على الأندلس، وكان على سبتة يُلْيَان الذي قاوم بنجاح موسى وردّه عن فتح سبتة بمعاونة غيطشة الذي كان يمده بكل ما يحتاج إليه للثبات أمام المسلمين الفاتحين. فلما مات غيطشة، لم تصل إلى يليان مِن خلفه الإمدادات، فلم يبق أمامه من خيار غير الاستسلام للمسلمين الفاتحين، فسلم سبتة صلحاً لطارق بن زياد وطنجة لموسى بن نصير.

وكان فتح الأندلس، نتيجة طبيعية لتمام فتح المغرب، لأن الأندلس هو الجناح الغربي للمغرب (٣)، ولأن الأندلس كان المجال الحيوي للفتح الإسلامي بعد إنجاز فتح المغرب الإفريقي، واستقرار الفتح فيه بانتشار العرب والإسلام في ربوعه، وبوجود القوة الضاربة بيد العرب المسلمين والبربر المسلمين الفاتحين على البر المغربي.

وبين الأندلس والبر المغربي الإفريقي - الذي فتحه المسلمون - بحر المجاز، عرضه ما بين طنجة والبر الأندلسي ثمانية عشر ميلاً، وهو عرضه أيضا بين جزيرة طريف على البر الأندلسي وسبتة على البر المغربي الإفريقي، ويعرف هذا الموضع بالزقاق، وبحر المجاز هو الذي يصل البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي (٤)، وهذا المجاز هو الذي يفصل بين المسلمين الفاتحين من جهة، وأهل الأندلس من جهة ثانية. ولكي يحمي


(١) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (١/ ١٧٢ - ٢٢٠).
(٢) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٢١ - ٣٠٩).
(٣) المسالك والممالك للأصطخري (٣٣).
(٤) نفح الطيب (١/ ١٤٥ - ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>