التي جعلت الجهاد فرضاً، وجعلت الشهيد حيّاً عند الله يرزق في الجنة في درجات رفيعة من درجاتها، كما أن طارق قائداً والمسلمين المجاهدين جنوداً، كانوا يشعرون أنهم ليسوا وحدهم في الميدان، بل هم في ضمان الإسلام ديناً، والمسلمين أمة، لا يمكن أن يتخلى عنهم المسلمون أبداً، فهم في ضمان المسلمين كافة وفي رعاية الله، لذلك كان إقدامهم فذاً عجيباً، وانتصاراتهم مذهلة مدهشة، بكل المقاييس العسكرية المعروفة.
هذا هو سبب انتصار طارق ورجاله: انتصروا بالإسلام والمسلمين، فما ينبغي أن ننكر هذا السبب في دراستنا، مجاملة لأعداد العرب والمسلمين، أو خشية من أحد، لأن الحق أحق أن يُتَّبع وأن يُدوّن وأن يُصرّح به وأن يُدافع عنه. ومن المعلوم، أن الجيش الذي يقاتل في ساحة من ساحات العمليات، وهو يعلم علم اليقين، أن مصيره جماعات وأفراداً، لا يهم ذوي قرباهم من المسلمين فحسب، بل يهم المسلمين كافة في أرجاء الوطن الإسلامي، من الخليفة المسئول الأول في المسلمين، إلى أصغر فرد من أفراد المسلمين، وأن مصيره لا يغيب عن أذهان المسلمين كافةً، كما لا يغيب عن أذهان أهليهم الأقربين، هذا الجيش الذي يقاتل بضمان المسلمين جميعاً، ليس كالجيش الذي يقاتل بدون ضمان ولا تضامن، فالأول يقاتل بمعنويات عالية جداً تتناسب مع ضمان المسلمين له وتضامنهم معه، والثاني يقاتل بمعنويات منهارة، لأن مصيره ليس موضع اهتمام أحد من المسئولين وغير المسئولين، كالشجرة بدون جذور، أو كالبناء بدون أُسُس، تنهار الشجرة، وينهار البناء اليوم أو غداً، ولا يقاوم العواصف والهزّات.
وكان للفتوحات الإسلامية بدون استثناء حافزان لا ثالث لهما: الأول هو الحافز الديني، المتمثل بالجهاد والدعوة إلى الله، فقد كانت الفتوحات فتوحات عقيدة. أما الحافز الثاني فهو حافز عسكري، وهو الدفاع عن البلاد المفتوحة، بفتح البلاد التي يكمن فيها أي خطر على مصير تلك البلاد، فكان