صاروا في بلهنية العيش والرفاهية، وفشا فيهم الإلحاد والانحراف عن الدين، وليست حرارة الشمس فقط هي التي جعلت سكان أرض جنوبي فرنسة المثل الأعلى في جودة الغناء والطرب.
ونعود إلى الأندلس، فنقول: إن الخليفة في دمشق، هو الذي يولي الولاة والحكام في الأندلس، وكان هؤلاء الولاة من شعب قد سار شوطاً بعيداً في المدنية، وكانوا دوماً ينفذون أوامر الخليفة، فشكّلوا على الفور الدوائر المدنية والسياسية والنظام الزراعي. ولم يجد العرب إغراقاً فيما سمعوه من عظمة الكنوز الملكية والكنسية، فوجدوا في طليطلة قاعدة ملك القوط الغربيين مقداراً هائلاً من الذهب واللؤلؤ. على أنه من المحقق أنهم إلى ذلك الوقت لم يقعوا على الكنوز العظيمة التي كانت مخبّأة تحت الأرض، حيث دفنها القسيسون عند فرارهم. هذا وقد أخذ الفارون الأولون -ومنهم الأسقف- معهم كثير من الأموال المنقولة، ويروى أن جنود العرب، وجدوا طائفة من رجال الكنيسة فارين، ووجدوا عندهم كرسياً يوضع عليه الكتاب المقدس، وكان ذلك الكرسي من الذهب الصلب الخالص مرصعاً بالياقوت الزعفراني والياقوت الأحمر والزمرد واللؤلؤ يساوي نصف مليون دولار، مع أن النقود في ذلك الوقت كانت تساوي عشرة أضعاف ما تساويه اليوم.
لكن مدنية العرب في الأندلس التي بلغت أوج الرقي، إنما أُسست على الحالة الإقتصادية السليمة في تلك البلاد نفسها. ولا يتسع المقام هنا لذكر تاريخ العرب، فكتاب (س. ب. سكوت) المرسوم: "تاريخ المملكة (الإمبراطورية) العربية في أوروبا ١٩٠٤ م "، يخبرنا بما شاء من ذلك في دقة وانسجام مع ذكر الأدلة، ولكنه كبير في ثلاث مجلدات ضخام، فلم تزل الحاجة إلى تأليف كتاب مناسب في الحجم، واف في بيان عظمة العرب التاريخية، وكتاب (ستانلي لين بول)، المسمى:"العرب في إسبانيا ١٨٩٥" في سلسلة: (أخبار الأمم) تأليف قوي الحجة جيد، ولكنه على طريقة المؤرخين في ذكر ملاحم الملوك ونوادرهم. وكتاب شارلوت نونج: "أخبار