للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الذي نعتمده لطارق بن زياد نسباً وموطناً، لأنه أقرب إلى العقل والمنطق، ومع ذلك لابد من ذكر الاختلاف في نسبه وموطنه، لتعليل أسباب هذا الاختلاف.

فقد ذكروا أنّه طارق بن عمرو (١)، لا طارق بن زياد، والمعروف في المصادر المعتمدة التاريخية والأندلسيّة، أنّه: طارق بن زياد، فهو الاسم المشهور به على أوسع نطاق، والمصادر التي ذكرته بأنّه: طارق بن عمرو قليلة جداً، لا تُعدّ شيئاً بالنسبة للمصادر المعتمدة التي ذكرته باسم: طارق بن زياد. كما أن المصادر القليلة التي ذكرته باسم: طارق بن عمرو، ذكرته بعد ذكر اسمه المعروف به والمشهور به وهو: طارق بن زياد، وكان ذكره باسمه الجديد بهذا التعبير "وقيل: طارق بن عمرو" (٢)، ولا يخفى أنّ مثل هذا التعبير بالنسبة للمؤلفين القدامى، يدلّ على عدم الثقة بصحّة المعلومات الواردة بعد تعبير: (قيل)، أو أنّها أقل أهمية من المعلومات الموثَّقة الشّائعة.

وذكروا أنّ طارق بن زياد، كان فارسياً هَمَذانِيّاً - (٣) نسبة إلى مدينة هَمَذان الفارسيّة - وهذا غير منطقي ولا معقول أيضاً، ولعلّ الذين نسبوا طارقاً إلى الفُرْس، استهدفوا قسماً من عَقِبهِ الذين كانوا في الأندلس وأصبح لهم شأن يُذكر فيها، للحطّ من منزلتهم الاجتماعية، باعتبار تميّز العنصر العربي على عهد بني أُميّة على العناصر الأعجميّة، وبذلك استهدفوا بهذا الغمز قسماً من عَقِب طارق، ولم يستهدفوا طارقاً بالذات. كما يمكن أن يكون الذين نسبوا طارقاً إلى الفرس، بعد أن أصبح علماً من الأعلام البارزة قدراً وجلالاً، ليفخروا بنسبته إليهم، فكلّ أُمّة من الأمم تحاول أن تنسب إليها أصحاب


= انظر التفاصيل في معجم البلدان (١ - ٣٠٠) وآثار البلاد وأخبار العباد (١٤٨)، وانظر نسبته إلى إفريقية في المغرب، نقلاً عن نفح الطيب (١/ ٢٣٠).
(١) بغية الملتمس (١٠) ونفح الطيب (١/ ٢٣٠) نقلاً عن ابن بشكوال.
(٢) بغية الملتمس (١٠).
(٣) أخبار مجموعة (٦) لمؤلف مجهول، ونفح الطيب (١/ ٢٥٤) نقلاً عن الرازي.

<<  <  ج: ص:  >  >>