للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقت كان للعرب فيه مكان مرموق، فأقحم بعض المؤرخين عن قصد أو عن غير قصد هذا الادّعاء، الذي لا سند من الواقع ولا من التاريخ.

أما الادّعاء بأنّه مولى للوليد بن عبد الملك، فادّعاء لا أساس له من الصحة، إذ لو كان مولى للخليفة الوليد لولاّه القيادة، ولم يترك توليته للقائد موسى بن نُصَير. ولا نعلم أنّ طارقاً رحل إلى الشرق واتصل بالوليد، ولا نعلم أنّ الوليد قدم المغرب واتّصل بطارق، فلا صلة من ناحية الولاء بين طارق والخليفة الوليد من قريب ولا من بعيد، وليس من المستبعد أنّ بعض عَقِب طارق، أراد أن يرفع درجة ولاء جدّهم طارق، من رتبة مولى موسى بن نُصَيْر أحد ولاة الخليفة وأحد قادته، إلى رتبة مولى الخليفة الوليد بن عبد الملك، وهي أرفع من رتبته الأولى على كلّ حال.

وكان من نتائج كلّ تلك الادّعاءات، إنكار بعض عَقِب طارق بالأندلس ولاءه لموسى إنكاراً شديداً.

ولو لم يكن طارق مولى لموسى بن نُصَيْر حقاً، لما أنكر (بعض) عَقِبه هذا الولاء، ولم ينكره (جميع) عقبه، ومن الواضح أنّ المُنكِرين ادّعوا انتسابهم للعرب تارة، والولاء للعرب تارة، والولاء للخليفة تارة أخرى، لأنّ هؤلاء المُنْكِرين لم يرتضوا لأنفسهم أن يكونوا موالي للموالي، لأنّ موسى بن نُصَيْر مولى لعبد العزيز بن مروان أخى الخليفة عبد الملك بن مروان، وطارق مولى لموسى نُصَيْر، فعَقِبه يكونون موالي للموالي، وهذا ما لم يستطيعوا تحمّله ولا تقبّله، وبخاصة بعد أن تبدّل حالهم غير الحال، وأصبحوا من ذوي المكانة في الأندلس.

نستطيع أن نستنتج، أنّ طارق بن زياد بربري من قبيلة نَفْزاوة إحدى قبائل البتر من البربر، وهو مولى لموسى بن نُصَير، الذي اكتشف كفاياته القياديّة والإدارية، فولاّه أولاً على طَنْجَة (١)، ثم ولاّه على قوّات فتح الأندلس، كما


(١) طنجة: مدينة قديمة على البحر الأبيض المتوسط، بينها وبين مدينة سبتة مسيرة يوم واحد، انظر التفاصيل في: معجم البلدان (٦/ ٦٢) والمسالك والممالك (٣٤) وتقويم =

<<  <  ج: ص:  >  >>