للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الابرار) باستخدام المجاذيف والبراذع الخاصة بالخيول، التي ألقيت على الصخور لتلافي خطرها، وبهذه الطريقة تمكن طارق من الإنزال المفاجئ من غير أن يراه أحد من العدو على الشاطئ (١).

وقد نُفِّذت عملية الإنزال في الليل، واستغرق الإنزال أكثر من ليلة واحدة، بسبب قلة المراكب، التي كانت دائبة على نقل الرجال بين الشاطئين، إلى أن تمّ إنزال جيش طارق بسلام على أرض إسبانيا. ويقول بعض المؤرخين، إنّ طارقاً كان آخر مَن عبر إلى إسبانيا (٢)، ويقول آخرون: إنه أبحر في اللّيل مع أوّل جماعة، وإنه أخفى نفسه في الجبل حتى الليلة التالية، حيث أرسل المراكب مرة أخرى لتعود ببقية رجاله (٣)، وعلى ذلك فيكون طارق قاد فعلاً المجموعة الأولى من قوّاته إلى الشاطئ الإسباني، ولكن ما إن هبطت هذه المجموعة بسلام، حتى عاد بالمراكب إلى سبتة، لكي يشرف على نقل بقية رجاله بنفسه، ومن ثمّ أبحر مع المجموعة الأخيرة من الرجال.

وتمّ الإنزال على صخرة تسمى: جبل كالبي ( Mons Calpe) التي اتخذت اسم طارق منذ ذلك اليوم، فأصبحت تسمى بجبل طارق، وجرى الإنزال يوم الاثنين الخامس من شهر رجب من سنة اثنتين وتسعين الهجرية (٤) (٢٧ نيسان - أبريل سنة ٧١١ م).

وهكذا يكون القائد الحق، يُشرف على إنزال الوجبة الأولى، لأن إنزالها يكون من أخطر الوجبات، ولأنها تكوِّن رأس الجسر للقوات التي يجري إنزالها بالتعاقب، فيشرف القائد على إنزال سائر الوجبات، حتى يكون مع وجبة الإنزال الأخيرة، ليطمئن أن قواته أكملت عبورها، وجرى إنزالها في المكان المناسب، ويتأكد من عدم تخلّف فرد من أفراد قواته عن العبور لسبب


(١) ابن الكردبوس (٤٦) وانظر البيان المغرب (٢/ ٩).
(٢) البيان المغرب (٢/ ٦) ونفح الطيب (١/ ٢٥٤).
(٣) فتوح مصر والمغرب (٢٠٥ - ٢٠٦).
(٤) نفح الطيب (١/ ١١٩) والبيان المغرب (٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>