للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن البقاء على الصخرة، بل فتح المناطق المجاورة للجزيرة الخضراء، والسيطرة على الجانب الإسباني من المضيق، لحماية تجهيزاته ومواصلاتها في شمال إفريقية"، وهذا هو مجمل ما جاء في تشكيكهم أو اعتراضهم على ما ورد في المصادر العربية المعتمدة حول التحصين.

ومن الواضح، أن المؤرخين الغربيين الذين اعترضوا عى ما سجلته المصادر العربية، حول تحصين منطقة تجمع جيش طارق فى جبل طارق، وشايعهم على اعتراضهم قسم من المؤرخين العرب والمسلمين، لم يفهموا المعنى الدقيق للتحصين الذي سجلته المصادر العربية المعتمدة، فحفر الخنادق في المواضع الممكن حفرها هو تحصين، فإذا كانت الأرض صخرية كما هو الحال في منطقة جبل طارق، فإن التحصين يتم بإقامة جدار من الصخور المتيسرة والأحجار، يحتمي وراءه المقاتلون من سهام العدو المصوبة نحوهم ليلاً أو نهاراً، وإقامة الجدار للحماية بالصخور والأحجار هو تحصين أيضاً، وهو ما قصدته المصادر العربية المعتمدة، لا إقامة الحصون المشيدة، كما فهمها بعض المؤرخين الغربيين ومن شايعهم من المؤرخين العرب والمسلمين. والمدنيّون الذين لم ينتسبوا للسلك العسكري في يوم من الأيام، معذورون في سوء فهمهم لتعبير: التحصين (١)، كما ينبغي.

إن من واجب كل مقاتل، أن يحصن موقعه، حتى ولو بقي فيه ساعة من نهار أو ليل، ومن واجب القائد ورجاله ألاّ يغفلوا عن تحصين مواقعهم، استعداداً لأسوأ الاحتمالات، وذلك للدفاع تجاه تعرّض معادٍ محتمل، فهذا


(١) في الكليات العسكرية يتلقى الطلاب درساً مهماً هو درس: التحصين، يتدرّبون فيه على حفر أنواع الخنادق، في الأماكن الممكن حفرها، وإقامة المنعات من الحجارة والصخور وزرع الربايا في المناطق الجبلية، ثم يعملون في التمارين التعبوية على تحصين مواقعهم بالخنادق أو الصخور والحجارة فور الوصول إليها حتى ولو كان بقاؤهم فيها مدة قليلة جداً، وعملهم فى الحفر وإقامة المنعات والربايا الصخرية يسمى: التحصين، وهو من أوّل واجباتهم بعد وصولهم إلى أي موقع من المواقع. وفي اللغة حَصُنَ المكانُ: مَنُعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>