للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمليات في أقصى الجنوب، وتنَقُّل القوات من الشمال إلى الجنوب يحتاج إلى وقت طويل، يؤدي إلى ترصين مواضع المسلمين وتقويتها، في وقت يكون فيه القوط بحاجة ماسة إلى السرعة، للتغلب على المسلمين الفاتحين قبل أن يرسِّخوا أقدامهم في الأندلس، لذلك كان قرار لذريق السريع، هو تكليف ابن أخيه بقيادة قوات خفيفة، للتغلب على الفاتحين بسرعة قبل فوات الأوان، فأخطأ لذريق في إصداره مثل هذا القرار السريع، لأنه لم يكن على علم يقيني بأن المسلمين جاءوا إلى الأندلس فاتحين ليبقوا فيها، ولم يأتوا إليها بغارة للمغانم ثم يرحلوا عنها. كما أخطأ بنج بعدم إطلاعه على واقع المسلمين الفاتحين مادياً ومعنوياً، وبعدم كفاية قواته عَدَداً وعُدَداً للنهوض بواجبها كما ينبغي، في تحقيق النصر على المسلمين الفاتحين.

وقد كان لمرحلة: المناوشات، من مراحل فتح الأندلس، نتائج عظيمة على الطرفين المتحاربين: المسلمين والقوط.

فقد ارتفعت معنويات المسلمين، نتيجة لانتصاراتهم على القوط، ولقيادتهم الواعية القادرة. كما أصبح للمسلمين قاعدة متقدمة أمامية محصّنة ومحروسة، يمكن الاعتماد عليها والانطلاق منها للفتح. كما ازدادت معلومات المسلمين الفاتحين عن قيادة القوط وقواتهم، وطبيعة بلادهم، ونقاط ضعفهم وقوتهم، فاستغلوا هذه المعلومات المفيدة للغاية في الجهاد. وهذه النتائج الثلاث مجتمعة، أدّت إلى إصرار المسلمين قيادة وجنوداً على استكمال الفتح، حتى يشمل الأندلس بحدودها الطبيعية المعروفة، ويتعداها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

أما بالنسبة للقوط، فقد انهارت معنوياتهم، نتيجة لهزائمهم المتوالية أمام المسلمين، ولقيادتهم الضعيفة العاجزة، ولخسارة جزء من بلادهم لعجزهم عن حمايتها والدفاع عنها. كما ارتبكت المعلومات عن المسلمين لدى القوط، فمنهم من يظن أنّ الفاتحين سيرحلون عن بلاد الأندلس، ومنهم من يظن أنهم جاءوا ليبقوا لا ليرحلوا، ومنهم وهم الأكثرية من اختلطت عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>