للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالية من المقاومة، يسرحون فيها ويمرحون كما يشاءون.

وكان لذريق ملكاً شجاعاً وافر المقدرة والحزم، ولكنه كان طاغية يثير بقسوته وصرامته حوله كثيراً من البغضاء والسّخط (١).

وعلى كل حال، عندما وصلت أنباء طارق إلى لذريق، ترك في الحال ما كان يجابهه في الشمال من مشاكل، وزحف نحو الجنوب، مرسلاً الرسل إلى أتباعه ليوافوه في قُرطبة (٢)، وقد كتب من هناك إلى أفراد أسرة غيطشة ( Witiza) وإلى القوط الآخرين لينضموا إليه في قتال العدو المشترك. وخشية من دخول قرطبة، عسكر أبناء غيطشة وأتباعهم عبر نهر شقندة ( Secunda) (٣) .

وتمت المصالحة بين لذريق وأبناء غيطشة، فعهد لذريق بقيادة ميمنة جيشه إلى شيشبرت ( Sisbert) والميسرة إلى أبة ( Oppa) وهذان الاثنان كما يقول مؤلف كتاب: أخبار مجموعة، هما من أبناء غيطشة (٤)، ويقال أيضاً بأنهما أبناء أخيكا ( Egica) وليس لغيطشة (٥)، وهذا هو الصواب، لأن ابني غيطشة اللذين بقيا في الأندلس - كما ذكرنا - هما أرطباس ( Artavasdes) والمند ( Almundo) ، وأسماء أبناء غيطشة معروفة لدينا، وليس بينهم أسماء مَن توليا الميمنة والميسرة في جيش لذريق، وإذا ما كانوا في سن لا يسمح لهما أن يتوليا الحكم في سنة إحدى وتسعين الهجرية (٧١٠ م)، فإنه من غير


(١) Cardone:ibid. pp. ٦٢
(٢) فتح الأندلس (٦) وابن الشباط (١٠٦) برواية عريب، وابن الكردبوس (٤٧) والحميري (٩) ونفح الطيب (١/ ٢٥٦).
(٣) ابن القوطية (٣) والحميري (١٠٤) ونفح الطيب (١/ ٢٥٦ - ٢٥٧)، وشقندة هي حيّ الربض جنوبي قرطبة في الضفة الأخرى من الوادي الكبير ( Guadalquivir) وكان هذا الربض يُعرف بإسم: شقندة ( Secunda) مُعَرَّب عن اللاتيني، انظر كتاب: جغرافية الأندلس وأوروبا من كتاب المسالك والممالك للبكري - تحقيق عبد الرحمن علي الحجي (١٣٩) بيروت - ١٣٨٧ هـ - ط١.
(٤) أخبار مجموعة (٨)، وقارن فتح الأندلس (٦).
(٥) ابن القوطية (٢ - ٣)، وقارن فجر الأندلس (٣٧) و Livemore. pp. ٢٩١

<<  <  ج: ص:  >  >>