للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُبتاع فيها النفوس إلاّ وأنا أبدأ فيها بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقّ قليلاً، استمتعتم بالأرفه الألذَ طويلا، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظّكم فيه بأوفر من حظِّي. وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان من بنات اليونان، الرافلات في الدّر والمرجان، والحلل المنسوجة بالعقيان، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان. وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك من الأبطال عرباناً (١)، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهاراً وأختاناً، ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم لمجالدة الأبطال والفرسان، ليكون حظّه معكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، ويكون مغنمها خالصاً لكم من دونه ومن دون المسلمين سواكم، والله تعالى وليُّ إنجادكم على ما يكون لكم ذكراً في الدارين. واعلموا أني أوّل مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق فقاتله إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فإن هلكت بعده فقد كفيتكم أمره، ولن يعوزكم بطل عاقل تسندون أمركم إليه، وإن هلكت قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهَمَّ من فتح هذه الجزيرة بقتله، فإنهم بعده يخذلون" (٢).


(١) وردت في بعض النسخ بالزاي المعجمة، عزبان: جمع عزب، وسنعلّق على ذلك في المتن بعد تسجيل نصوص الخطبة.
(٢) وفيات الأعيان (٤/ ٤٠٤ - ٤٠٥) تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد - القاهرة - ١٣٦٧ هـ - ط١.

<<  <  ج: ص:  >  >>