للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى من الجيش القوطي، التي تكون عادة صدمة مدبّرة تؤثر في المعنويات للمتقاتلين، فترتفع معنويات المنتصر، وتنهار معنويات المنكسر.

وأظهر فرسان القوط قدرة قتالية عظيمة في أوائل المعركة، وثبتوا لضغط العرب والبربر والسُّودان المسلمين ثباتاً عظيماً، وكبّدوا المسلمين خسائر بالأرواح كبيرة.

وكان قوّاد الفرسان من القوط، أعداء لذريق، غاضبين عليه وناقمين منه، وكان يليان ورجاله نشطين طوال المعركة في تخذيل الناس عن لذريق وصرفهم عنه، وكانوا يؤكِّدون للذين حول لذريق أن المسلمين لم يُقبلوا إلى هذه البلاد للفتح والاستقرار، بل للقضاء على لذريق والظّفر بالغنائم، وأنهم إن خذلوا لذريق اليوم صفت لهم بعد ذلك. ولم يلبث أثر هذا الكلام أن ظهر بين رجال لذريق، وكان كثير منهم كارهاً له ناقماً عليه، فلم يلبث فرسانه وهم خيرة جنده، أن خرجوا من المعركة وتركوه لمصيره (١).

واستمرت المعركة هائلة مضطرمة بين الجانبين أربعة أيام، ثم انهزم القوط وقُتل منهم خلق عظيم، أقامت عظامهم بعد ذلك بدهر طويل ملبّسة بالأرض. (٢)


= بدور خطير جداً في الفتح. Saavedra. op. cit.P.٧١
(١) تجمع المصادر العربية على ذلك، وتؤكد أنّ خيانة لذريق وسط المعركة، إنما وقعت بناء على تدبير سابق محكم بين آل غيطشة والمسلمين: وقد ناقش سافدرا هذا الموضوع، وانتهى إلى أنّ الذي قام بترتيب المؤامرة كانا أخوي غيطشة: شيشبرت بن أخيكا، وأبة بن أخيكا، وكان أحدهما على خيل لذريق في هذه المعركة. وقد تعجّب سافدرا من أنّ لذريق يعهد في أمر مهم كهذا لواحد من أعدائه، ولكن فاته أن بعض المصادر العربية تذكر أنّ لذريق سعى في الصلح مع آل غيطشة قبل المعركة الحاسمة، وهذا واضح من قول ابن القوطية "فلما دخل طارق بن زياد الأندلس أيام الوليد بن عبد الملك، كتب لذريق إلى أولاد الملك غيطشة - وقد ترعرعوا وركبوا الخيل - يدعوهم إلى مناصرته وأن تكون أيديهم واحدة على عدوِّهم ... "، ابن القوطية- افتتاح الأندلس (٢ - ٣)، وانظر الهامش (١) من كتاب فجر الأندلس (٧٤).
(٢) المقري برواية الرازي (١/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>