للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلفوه بمهمة فتح الأندلس، وكان ذلك المنصب القيادي وتلك المهمة في الفتح، بالنسبة لطارق باعتباره من البربر لا من العرب، وبالنسبة للنظام الحاكم يومذاك، من الغرائب المستحدثة التي لا سابقة لها، ولكن مزايا طارق جعلته موضع ثقة رؤسائه، كما جعلته موضع ثقة مرءوسيه.

وكان طارق، يبادل رجاله ثقة بثقة، والثقة المتبادلة هي العمود الفقري لكل نصر، وانتصارات طارق وفتوحاته دليل على ثقته برجاله، ودليل على أنهم كانوا يستحقون تلك الثقة.

ط - وكان يتحلى بمزية: المحبة المتبادلة، فقد كانت مزاياه تجعله محبوباً من رجاله، كما أنه كان يبادلهم حباً بحب، كما كان يبادلهم ثقة بثقة.

كما كان طارق محبوباً من رؤسائه أيضاً، ولولا ذلك لنحّوه من منصبه القيادي، وولّوا مكانه مَن يُحبّون.

ولعل أحسن دليل على حب رجال طارق لطارق، ما وصف به مُغيث الرّومي طارقاً. فقد ذكروا أن سليمان بن عبد الملك أراد أن يولي طارقاً على الأندلس، فاستشار سليمان مُغيثاً في تولية طارق، وقال له: (كيف أمره بالأندلس؟)، فقال: "لو أمر أهلها بالصلاة إلى قِبْلَة شاءها لتبعوه ولم يروا أنهم كفروا" (١).

لقد كان طارق يحب رجاله، ويحب رؤساءه، وكان رؤساؤه ورجاله يبادلونه حباً بحب، مما جعل التعاون بين القيادة والرجال تعاوناً وثيقاً، لأنه نابع من القلب، وليس بسبب إغراء ووعيد وضغط وإكراه.

ي - وكان يتمتع بمزية: الشخصية القوية النافذة، فما كان لمثله، أن يخترق الحدود والقيود، المؤدِّية إلى منصب القيادة، لو لم يكن ذا شخصية قوية نافذة.

وقد كان موسى بن نصير الذي ولى طارقاً القيادة، مُلْتَزَماً من عبد العزيز بن


(١) نفح الطيب (٣/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>