للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحضارية، وأنه قام ولوحده بعبء علمي ضخم تعجز عنه جامعات ومعاهد بأكملها. رحمه الله رحمة واسعة وأجزل مثوبته.

(١٦) وفي ختام هذه الترجمة الموجزة لحياة اللواء الركن محمود شيت خطاب أستأذن الأخ القارئ الكريم أن أحكي قصة لقائي به، وتعرفي عليه، والشرف العظيم الذي أنالني إياه بانتدابه لي لخدمته ونشر كتبه، وتفويضي بتوقيع العقود عنه لنشر مخطوطاته التي لم تطبع بعد، وإعادة نشر كتبه التي طبعت في السابق.

لقيت الفقيد العزيز في منزله الكائن في بغداد -حي اليرموك- مرتين، وصحبة الأخوين العزيزين: الأديب الأستاذ عبد الله الطنطاوي، والشاعر الأستاذ محمد محمود الحسناوي، وذلك أواخر الثمانينات، ولقيته مرة ثالثة مع الأديبة الكبيرة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطىء) -رحمها الله- فقد كانت متلهفة للقائه، ولا تعرف بيته ولا عنوانه، ولا أدري مَن أرشدها إليَّ حتى أصحبها للقاء العلامة اللواء الخطاب، فلما التقيناه، أقبلت عليه محجبة بأدب ودود واحترام بالغ، وتواضع جم، وأرادت أن تقبل يده كأنها تلقى أباها أو عمها.

لقيته شيخاً جليلاً، وعالماً وقوراً، يغلبه هم المسلمين، ويبكي مآسيهم، ويتحرق لعمل يستنقذ فيه أمة العرب والإسلام، ويستحث همم جلسائه وزواره، ويحرك عزائمهم، ويثير فيهم الغيرة الدينية للنهوض بواجب الإسلام، والدعوة إليه، والعمل لإعزازه وإعادة مجده.

ويشهد الله أنني منذ لقيته -أول مرة- أحببته في الله، وعزمت على خدمته، تقرباً إلى الله، ونشراً لعلمه، وإشفاقاً على شيخوخته، ورحمة به في مرضه، ولكونه لم يرزق أولاداً ذكوراً يتحركون بين يديه، أضف إلى ذلك أنه لا يتمكن من مغادرة العراق لمرضه وشيخوخته وظروف بلده -التي لا تخفى على أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>