للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأزارقة اعتبروه مشركاً، ولم يكتفوا بتخليده في النار، بل زادوا أنه يُعد مشركاً. أما الصُّفرية فلم يتّفقوا على إشراكه، وقد اعتنق مذهبهم كثير من الصالحين شرقاً وغرباً (١).

وبالنسبة لطريف، فإن ثورة البربر كانت عارمة، لم يتخلف عنها أحد، فما كان بإمكانه أن يتخلف وحده عنها، وقد جرفته روح الجماعة. كما أن شعار الثورة في مقاومة الانحراف لا غبار عليه، فلا يرضى الإسلام أن يُخَمّس البربر المسلمون ولا يرضى المسلمون الصالحون من الفقهاء والمحدثين بهذا التّخميس، كما أن التفرقة بين المسلمين على أساس الجنس لا يقرُّه الإسلام كما هو معروف.

أما اتِّهام طريف بانحرافه عن الإسلام (٢)، فقد كذبه مَن اتَّهمه بهذه التهمة في كتابه الذي اتّهمه فيه (٣)، كما لم تأخذ بهذا الاتهام المصادر المعتمدة الأخرى، فقد نسبت زندقة برغواطة إلى صالح ابن طريف لا إلى طريف (٤)، فالتهمة الموجهة إلى طريف ولدت ميِّتة، لم يصدقها أحد، ولم يأخذ بها أحد.

ويبدو أن طريفاً، كان قادراً حازماً (٥)، كان كريماً مضيافاً شهماً غيوراً مؤمناً تقياً، ولو لم تكن هذه الصفات الإنسانية فيه، لما ارتضته برغواطة رئيساً عليها، ثم أصبح على قبائل بلاد تامسنا في المغرب الأقصى رئيساً عليهم من الناحيتين الدينية والدنيوية في آن واحد وبلا منازع.

وعلى الرغم من أن المصادر المعتمدة، بخلت في الحديث عنه إنساناً


(١) الشيخ محمد أبو زهرة - تاريخ المذاهب الإسلامية (١/ ٨٨ - ٨٩) - القاهرة - بلا تاريخ.
(٢) البيان المغرب (١/ ٥٧).
(٣) البيان المغرب (١/ ٢٢٤).
(٤) البكري (١٣٤) والاستبصار (١٩٧).
(٥) فجر الأندلس (٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>