للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليم النظري لاستيعاب العلوم المتيسرة السائدة حينذاك ميسوراً، ليس لبني أميّة ومَن حولهم وحدهم دون غيرهم من الناس، بل كان ميسوراً للناس كافة من الراغبين في تلقي العلم. وربما يكون الفرق الوحيد بين تعليم أبناء الخلفاء ومَن حولهم وبين أبناء غيرهم من سائر المسلمين، هو أن أبناء الخلفاء ومَن حولهم، يتلقون العلم على أساطين العلماء وجهابذة الشيوخ، وغيرهم يتلقى العلم عن هؤلاء الأساطين والجهابذة وعن المتصدِّين للتعليم من العلماء والشيوخ الآخرين.

وقد نشأ مغيث في دمشق عاصمة الخلافة، ليتعلم القرآن الكريم وعلومه، والحديث النبوي الشريف وعلومه، والتاريخ والسِّير وأيام العرب قبل الإسلام وبعده، وعلوم اللغة صَرْفاً ونَحواً وبلاغةً وبياناً وشعراً ونثراً، كما تعلم فنون الأدب في مجالي الشعر والنثر، وحفظ نماذج من أقوال الخطباء والأدباء والشعراء، ولم يغفل الحساب والهندسة وتقويم البلدان.

وكان الخلفاء بخاصة والعرب بعامة، في تلك الأيام، يعتبرون اللّحن في اللّغة عيباً من أشنع العيوب، "فتأدّب مغيث بدمشق مع بني عبد الملك، فأفصح بالعربية، وصار يقول من الشعر والنثر ما يجوز كتبه" (١).

وكما كان الخلفاء يحرصون على تعليم أبنائهم ومَن حولهم العلوم المختلفة والآداب والفنون، كانوا يحرصون أيضاً على تعليم أولادهم العلوم العسكرية العملية والنظرية.

وقد تعلم مغيث العلوم العسكرية النظرية، مثل: إقامة المعسكرات، تنظيم المعسكر، اختيار المعسكر، وشروط المعسكر الجيد، فنون التعبية: كإخراج المقدّمات والمؤخرات والمجنبات، وأساليب الحماية، والاستفادة من الأرض، وزرع الربايا والكمائن. ومعالجة المشاكل غير المتوقعة، وتأمين القضايا الإدارية في الميدان، وطرق رفع المعنويات، وكل هذه العلوم تلقّن


(١) نفح الطيب (٣/ ١٢) عن الحجازي.

<<  <  ج: ص:  >  >>