للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يمارس القتال في ميادين الجهاد أقوى ما يكون على تحمل مشاق القتال.

وقد نصّت المصادر المعتمدة، على أنه تدرب في فتوّته على مصاعب التدريب العنيف، استعداداً لأيام الجهاد.

وكان من ذوي الماضي الناصع المجيد، فقد عاش وتربّى في دار الخلافة، بإشراف الخليفة، مع أبنائه، وكان مولى الوليد بن عبد الملك، وليس ذلك بالقليل. وأضاف إلى ذلك جهاده في الأندلس وفتحه قرطبة، فأصبح الجدّ الأول لآل بيته: بني مغيث، الذين صار لهم شأن في الأندلس وبخاصة في مدينة قرطبة.

وكان يعرف مبادئ الحرب ويطبقها بشكل تلقائي، ومن المعروف أن مبادئ الحرب ثابتة في كل زمان ومكان، وهي لا تتبدّل أبداً، أما أساليب الحرب، فهي التي تتبدّل بتبدّل العوامل المختلفة، كتبدّل الأسلحة وتطورها، وتبدّل وسائل النقل، إلى غير ذلك من العوامل المعروفة.

فقد كان مغيث ماهراً في اختيار المقصد وإدامته، لذكائه وتيسّر المعلومات الوافية لديه عن عدوّه، فإذا وضع الخطة المناسبة لتحقيق مقصده، سار بخطوات ثابتة على طريق تحقيقه، ولا يتهاون في بذل ما يستطيع من جهد في سبيل جعل مقصده واقعاً، بعد أن كان خطّة فقط.

وكان قائداً: تعرّضياً، لم يتّخذ أسلوب الدفاع في جهاد، لأنه يعلم أن المدافع لا ينتصر، والمنتصر هو الذي يتعرّض، ويديم تعرّضه.

وكان يطبّق مبدأ: المباغتة، فقد باغت صاحب قرطبة بعبور أسوار المدينة، وباغته بقطع الماء على كنيسته، وباغته بمطاردته وأسره.

وكان يحشد قوته، ويستفيد من طاقاتها كافة في تحقيق هدفه، ولا يتخلّى عن قسم منها ليبقى متعطلاً دون جدوى.

ولكنه كان: يقتصد بالمجهود، فيحرص على أرواح رجاله حرصه على روحه، ولا يغرِّر بهم أو يعرِّضهم للتهلكة، ويضع القوة المناسبة لتحقيق الهدف المناسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>