للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمْح (١).

وموقع أَرْبُوْنَة هو على ارتفاع عشرة أمتار فقط عن سطح البحر، وعلى مسافة أربعة عشر كيلو متراً منه إلى الشرق، ونهر الأود يمرّ بالقرب منها، والسهول التي بينها وبين البحر كونتها الرواسب التي أبقاها هذا النهر، ومناخ المدينة شبيه بمناخ المدن العربية، أي أنّها لطيفة الشتاء نادرة الثلج، حارة القَيْظ، لولا نسمات لطاف تهبّ عليها أحياناً من جهة البحر، فتخفِّف من حرارتها. وأكثر حاصلات أربونة من الكَرَم، وفيها جميع أشجار البلاد الحارة كالتين والزيتون والصُبَّيرة. ويمر بأربونة جدول اسمه: روبين ( La Robine) مشتق من قناة الجنوب المستمدة من نهر الأود. وأربونة من أقدم المدن، عثروا فيها على آثار الآدميين من العصر الحجريّ، وعلى قبور مما قبل التاريخ (٢).

وهناك روايات تدلّ على أنّ موسى بن نُصَيْر (٣) أرسل سراياه، ففتحوا أربونة من جملة ما فتحوه (٤) وذلك سنة خمسٍ وتسعين الهجرية (٧١٤ م)، ولكن فتح موسى هذا لم يكن فتحاً مستداماً، إنّما كان فتحاً وقتيّاً بقوّات استطلاعية خفيفة، استطاعوا جمع المعلومات المفصّلة عن تلك المنطقة الحيوية من بلاد فرنسة، تمهيداً لفتحها مِن السَّمح بعد خمس سنين فقط.

ويجدر بنا قبل أن نمضي في تتبّع غزوات السَّمح لأنحاء فرنسة، أن نقول كلمة موجزة في مملكة الفرنج. كان الفرنج شعب من القبائل الجرمانية، استقرّت منذ أواخر القرن الخامس للميلاد، بين نهر الرّين والبحر في إقليم فلاندز وما إليه - البلجيك الحديثة - ثم على ضفاف الرّين الوسطى والموز.


(١) يطلق الفرنسيون على السَّمح اسم: زاما، واسم الشارع: ( Rue, de Zama) ، وأنظر تاريخ غزوات العرب (٦٦).
(٢) تاريخ غزوات العرب (٦٤ - ٦٥).
(٣) أنظر سيرته المفصلة في: قادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٢١ - ٣٠٩).
(٤) نفح الطيب (١/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>