للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قنطرة قرطبة، فقد عرض أمرها على عمر بن عبد العزيز، وتلقّى توجيهاته حولها، ونفّذ تلك التوجيهات.

وكان لا يميِّز نفسه عن رجاله بشىءٍ ماديّ أو معنوي، ولا يتميّز عليهم في المظهر أو المَخْبَر، بل يساوي نفسه بهم، فكأنّه فرد منهم، لا يستطيع مَنْ لا يعرفه حين يراه معهم أن يعرف أنّه القائد وأنّهم الجنود، لأنّه كان يساوي نفسه برجاله في كلّ شيء، منطلقاً من إيمانه المطلق بمبدأ: المساواة.

وكان يطبِّق مبادئ الحرب بشكل عفويّ في معاركه، وهذه المبادئ ثابتة في كلّ زمان ومكان.

فقد كان يطبِّق مبدأ: اختيار المقصد وإدامته، فهو يعرف ما يريد، ويُعدّ الخطّة المناسبة لتحقيق ما يريد، ويضع تلك الخطة في موضع التنفيذ، ولا يزال دائباً وراء مقصده، حتى يحقِّقه كاملاً غير منقوص.

وكان قائداً تعرّضياً، لم يتّخذ خطة الدفاع، حتى في حالة تفوّق الفرنج على المسلمين الذين بقيادته، ولا نعلم أنّه سلك مسلكاً غير مسلك التعرّض، في جهاده من أجل إعلاء كلمة الله.

وكان يحاول مباغتة العدو في المكان أو الزمان أو الأسلوب، ولا نعلم أنّ عدوّه استطاع مباغتة القوّات التي تعمل بقيادته في يوم من الأيام.

وكان يحشد رجاله للنهوض بواجباته فى الجهاد، ويستغلّ كلّ الطّاقات الماديّة والمعنوية المتيسِّرة للحشد.

وكان يحرص غاية الحرص على أمن قوّاته، ويتّخذ التدابير اللاّزمة لحمايتها في المعسكر والحركة وفي أثناء القتال، وبعد القتال وفي صفحات القتال كافة.

وكانت خططه مرنة، يمكن تبديلها وتعديلها وتحويرها وتطويرها حسب الظروف، كما أنّ قابليته على الحركة نسبياً جيدة، لتطبيق خططه العسكريّة.

وكان يؤمِّن التعاون بينه وبين رجاله أفراداً وجماعات وصنوفاً، كما كان يؤمِّن التعاون بينه وبين قيادته العليا، وكان التعاون بين الجميع وثيقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>