للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم أولاً وقبل كلّ شيء، أن يدعو أهله إلى الإسلام، فإن أسلموا كانوا هم وسائر المسلمين سواء، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم؛ وإن لم يُسلموا دَعَوْهم أن يسلِّموا بلادهم للمسلمين، يحكمونها، ويبقى أهل البلاد على دينهم إن شاءوا، على أن يدفعوا الجزية للمسلمين، فإن قبلوا ذلك كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وكانوا في ذمّة المسلمين يحمونهم ويدافعون عنهم؛ وإن لم يقبلوا الإسلام، ولا الدخول تحت حكمه ودفع الجزية، أُعلنت عليهم الحرب وقوتلوا (١).

تلك هي المبادئ التي تسيطر على تعاليم الإسلام في الفتح: الإسلام، الجزية، القتال، باتِّفاق الفقهاء، وبالتطبيق العملي في الفتوح الإسلامية في معارك الفتوح كافة.

ولكن الذين توقفوا عند هذه المعاهدة من المؤرخين الأجانب، فزعموا: "أنّ هذا النوع من المعاهدات المتساهلة، ربما يشير إلى أنّ سياسة موسى بن نُصير، كانت تهدف إلى خلق نوع من التعاون مع سكّان البلاد في إدارتها بعد الفتح، وهذه السياسة ستمكنه من أن يضع حامية صغيرة في كلّ مدينة مهمة، ويترك إدارة شئونها الداخليّة كما كانت من قبل دون تدخّل في النظام الإداري للبلاد، وربما كان الدافع إلى ذلك، هو ظروف موسى وقلة مَن معه من رجال القبائل العرب الذين كان عددهم لا يكفي للهيمنة على كلّ الأندلس وإدارتها!! " ... الخ ...

ومن المؤسف حقاً، أنّ قسماً من المؤرخين العرب والمسلمين تابعوا هذه الأفكار الأجنبية، وما فعله عبد العزيز، كما لم يفعل موسى وسائر قادة الفتح الإسلامي، غير تطبيق تعاليم القتال في الإسلام نصّاً وروحاً، فدفع تدمير الجزية، كما دفع غيره الجزية شرقاً وغرباً، فبقي وبقوا في قيادة أنظمتهم، وأصبحوا من أهل الذِمّة، ولأهل الذمّة رعاية في الإسلام، تتسم بالتسامح


(١) أنظر التفاصيل في كتابنا: قادة فتح العراق والجزيرة (٥٢٣ - ٥٣٣) ط٢ - بيروت ١٣٩٣ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>