للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وادعاء أولاده وأحفاده، بأنه عربي من بكر بن وائل، بعد أن استقروا وملكوا في إفريقية والمغرب والأندلس، وتأثّلوا وأصبح لهم مكان ومكانة وشأن بين الناس، في وقت كان الفخر فيه بالنَسَب سِمة من سِمات ذلك العصر، عصر بني أميّة في دولتهم، قد يُؤخذ بمأخذ الدّعاوة لأنفسهم بالنسب المرموق المفضّل، لا بمأخذ تقرير الواقع والصّدق.

كما أن ادِّعاء مَن كان عليهم لا معهم من الناس، بأنهم من الموالي لا من العرب، قد يكون نتيجة من نتائج تفاخر أولاد عبد الله وأحفاده وتعاليهم بادِّعاء النسب المفتعل الموهوم، فهو ردّ فعل متوقّع لذلك التفاخر، بالتزوير والتعالي بالاختلاق، فلا يؤخذ به بمأخذ الجّد ولا يُصدّق، لأن دوافعه عاطفية لا واقعية، ووهمية لا حقيقيّة.

إنه عربي (١)، جده نصير أبو موسى، وكان اسم نصير: نصراً، فصُغِّر (٢)، وكان نصير من بين سبايا بلدة عَيْن التَّمْر (٣)، الذين سباهم خالد بن الوليد المخزومي سنة اثنتى عشرة الهجرية (٦٣٣ هـ)، فقد وجد خالد أربعين غلاماً يتعلمون الإنجيل، عليهم باب مغلق، فكسره عنهم، وقال: "وما أنتم؟! "،

فقالوا: "رُهُن! "، منهم نصير أبو موسى بن نصير وجدّ عبد الله بن موسى بن نصير، وكان ينسب نصير إلى بني يَشْكُر (٤) وهو ليس منهم، فقسمهم خالد في أهل البلاد (٥)، فأصل عبد الله من عين التّمر (٦).

وقد أعتق نُصيراً بعضُ بني أميّة، فرجع إلى الشام (٧)، ثم أصبح من حرس


(١) البلاذري (٢٤٨) والنجوم الزاهرة (١/ ٢٣٥).
(٢) البلاذري (٢٤٨).
(٣) عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار (الأنبار=الفلوجة: على الفرات، غربي بغداد) غربيّ الكوفة، بقربها موضع يقال له: شفاثا، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (٦/ ٢٥٣).
(٤) بنو يشكر بن بكر بن وائل، أنظر التفاصيل في جمهرة أنساب العرب (٣٠٨).
(٥) الطبري (٢/ ٥٧٧) وأنظر ابن الأثير (٢/ ١٥١).
(٦) البداية والنهاية (٩/ ١٧١).
(٧) البلاذري (٢٤٨) ومعجم البلدان (٧/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>