للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستفادة من الأرض، وزرع الربايا والكمائن، ومعالجة المشاكل غير المتوقعة وحل المعضلات، وتأمين القضايا المعنوية والإدارية، وكل هذه العلوم تُلقّن من قادة مجرِّبين لهم في الجهاد باع طويل.

كما تدرّب عبد الله على الفنون العسكرية العملية: ركوب الخيل، والرمي بالسِّهام، والتصويب الدقيق، والضرب بالسيوف، والطعن بالرماح، والسباحة، وتحمّل المشاق العسكرية: سيراً على الأقدام مسافات طويلة في أيام متعاقبة وظروف قاسية صيفاً وشتاء، والحرمان من الطعام والشراب مدة من الزمن، والتعود على تناول الطعام الخشن والماء العسر، والابتعاد عن المأكل اللّين والشراب السائغ مدة التدريب، وهذا ما نطلق عليه في المصطلحات العسكرية الحديثة: التدريب العنيف.

ولكن هذا التدريب العسكري وحده لا يكفي، لأنه تدريب (فردي)، فلابد من تلقّي التدريب (الإجمالي)، وهو ممارسة الجهاد قائداً وجندياً في ساحة القتال، ليطبق ما تعلمه (فرداً) من فنون عسكرية عملية، على القتال ضمن المحاربين تطبيقاً عملياً، وهذا ما نطلق عليه تعبير: تعليم المعركة، إذ لا فائدة من التدريب الفردي، إلاّ إذا طبّق عمليّاً في التدريب الإجمالي، وأفضل أنواع التدريب الإجمالي وأكثرها فائدة، هو ممارسة القتال عملياً في ميدان القتال.

وقد كان أسلوب التدريب على القتال، شائعاً في عهد بني أميّة عامة، بما في ذلك أبناء الخلفاء والقادة والولاة. أما موسى بن نصير، فقد دأب على زجّ أولاده في معارك الجهاد، فزجَّ بعبد الله ومروان ابنيه في معارك الجهاد الإفريقية (١)، وزجَّ بعبد العزيز وعبد الأعلى في معارك الجهاد الأندلسية.

وكان التدريب العملي في الأمور الإدارية ميسوراً أيضاً لعبد الله وسائر أبناء موسى بن نصير، لأنهم كانوا إلى جانب والدهم الذي كان والياً على إفريقية والمغرب، فكان عبد الله قريباً من أكبر ولاة بني أميّة ومن ألمعهم وأقدرهم،


(١) البيان المغرب (١/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>