للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في فتوحه، قبل أن يتولى قيادة مستقلة، وكان من أسباب مرافقته لأبيه: تدريبه عملياً في ميدان الجهاد، واختبار قدراته قائداً ومجاهداً.

ويبدو أنه أصبح في سن يصلح معها تولي القيادة، بعد تدريبه على واجباتها عملياً، وبعد نجاحه في إبراز كفايته قائداً ومجاهداً، فولاّه أبوه القيادة في إفريقية، ليعمل تحت إشرافه قائداً مرءوساً.

وكان أول فتوح موسى بن نصير في إفريقية قلعة زغْوان (١)، وبينها وبين القيروان مسيرة يوم كامل، وبنواحي زغوان قبائل من البربر، بعث إليهم موسى خمسمائة فارس، ففتحها، وغنم منها عشرة آلاف من السبايا، فكان ذلك السبي أول سبي دخل القيروان (٢). ثم وجّه موسى ابنه عبد الله (٣) إلى بعض نواحي إفريقية، فأتى بمائة ألف رأس من السبى. ثم وجه ابنه مروان (٤)، فأتى بمثلها، فكان الخمس يومئذ ستين ألفاً. وكتب موسى إلى عبد العزيز بن مروان الذي كان يومئذ على مصر، والذي كان موسى مرتبطاً به مباشرة من الناحية الإدارية، يُعلمه بالفتح، ويُعلمه أن الخُمس بلغ ثلاثين ألفاً، وكان ذلك وهماً من الكاتب: كتب ثلاثين ألفاً بدلاً من ستين ألفاً، فلما قرأ عبد العزيز بن مروان الكتاب، وأن الخُمُس من السّبى ثلاثون ألفاً، استكثر ذلك، ورأى أنه وَهْمٌ من الكاتب لكثرته، فكتب إلى موسى يقول له: "إنه بلغني كتابك، تذكر أن خُمس ما أفاء الله عليك ثلاثون ألف رأس، فاستكثرت ذلك، وظننته وهماً من


= أيضاً.
(١) زغوان: جبل بإفريقيّة بالقرب من تونس، وهو جبل منيف مشرف، يُرى على مسيرة الأيام الكثيرة، فيه قرى كثيرة آهلة كثيرة المياه والثمار، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (٤/ ٣٩٤).
(٢) البيان المغرب (١/ ٤٠) والإمامة والسياسة (٢/ ٦٣).
(٣) ورد اسمه: عبد الرحمن بن موسى، في الإمامة والسياسة (٢/ ٦٣)، بينما ورد اسمه في البيان المغرب (١/ ٤٠): عبد الله بن موسى، وكذلك في ابن الأثير (٤/ ٥٤٠)، وهو الصواب.
(٤) في ابن الأثير (٤/ ٥٤٠)، أنّه هارون لا مروان، والأول أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>